ماذا يعني إلغاء تفويض الحرب على العراق من الكونجرس الأمريكي؟

صوّت مجلس النواب الأمريكي لصالح إنهاء التفويضات القديمة التي كانت تمنح الرئيس صلاحيات شبه مطلقة في شن عمليات عسكرية ضد العراق، في قرار يسعى إلى إعادة التوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية فيما يتعلق بقرارات الحرب.
وجاء القرار بأغلبية 261 صوتًا مقابل 167، بدعم من أعضاء في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وشمل إلغاء تفويضين رئيسيين: الأول صادر عام 1991 إبان حرب الخليج، والثاني عام 2002 قبيل الغزو الأمريكي للعراق وإسقاط نظام صدام حسين.
من يقف خلف القرار؟
التحرك جاء بموجب تعديل ضمن قانون تفويض الدفاع الوطني، وقدمه النائبان جريجوري ميكس (ديمقراطي من نيويورك) وتشيب روي (جمهوري من تكساس)، وهو يمثل تتويجًا لجهود سابقة استمرت سنوات لإلغاء هذه الصلاحيات التي وُصفت بـ"البالية" والتي لم تعد تتماشى مع الواقع الجيوسياسي الحالي.
وقال النائب ميكس خلال مداولات مجلس النواب إن تلك التفويضات أصبحت منتهية الصلاحية منذ زمن بعيد، محذرًا من أنها قد تُستخدم مستقبلاً كسند قانوني من قِبل أي إدارة أمريكية لتنفيذ ضربات عسكرية دون العودة للكونجرس.
وأضاف:"حان الوقت لأن يستعيد الكونجرس صلاحياته الدستورية المتعلقة بإعلان الحرب والسلام".
تحليل قانوني: لا مزيد من الصلاحيات المطلقة
من جهته، أشار الخبير القانوني علي التميمي إلى أن هذا التحرك يهدف إلى تقييد استخدام القوة العسكرية ضد العراق في المستقبل دون الرجوع إلى الكونجرس.
وأوضح علي التميمي في تصريحات صحفية، أن التفويضين لم يعودا مبررين، لا سياسياً ولا قانونياً، خصوصًا بعد سقوط نظام صدام حسين وتحول العراق إلى دولة شريكة للولايات المتحدة في ملفات أمنية وعسكرية متعددة.
وأضاف التميمي أن العمليات العسكرية الأمريكية الجارية حاليًا، مثل مكافحة تنظيم داعش، لن تتأثر بإلغاء التفويضات، لكنها ستكون بحاجة إلى تفويضات جديدة أو موافقات خاصة من مجلسي النواب والشيوخ إذا تطلب الأمر تحركات عسكرية مستقبلية.
تراجع دور العراق كـ"تهديد مباشر"
يشير مراقبون إلى أن قرار الإلغاء يعكس تغييرًا استراتيجيًا في نظرة واشنطن للمنطقة، إذ لم يعد العراق يُصنف كتهديد مباشر لأمن الولايات المتحدة، كما يعتبر هذا القرار رسالة قوية بأن زمن التدخلات العسكرية غير المقيدة في العراق قد انتهى.
الجدير بالذكر أن تفويض عام 2002 استخدم لاحقًا في تبرير عمليات عسكرية أخرى، أبرزها الغارة الجوية التي قتلت قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" الإيراني، قرب مطار بغداد في يناير 2020.
هل انتهى التواجد الأمريكي في العراق؟
بحسب الباحث السياسي عماد محمد، فإن إلغاء التفويضات لا يعني انسحابًا أمريكيًا من العراق أو المنطقة. لكنه يمثل خطوة قانونية تهدف إلى تقييد صلاحيات الرئيس الأمريكي في اتخاذ قرارات عسكرية منفردة.
وقال عماد محمد: القرار لا يؤثر مباشرة على عدد أو طبيعة القوات الأمريكية المتواجدة في العراق، لكنه يمنع تكرار سيناريو الغزو الذي وقع في 2003، حين حصل الرئيس الأمريكي على تفويض واسع استخدمه لشن حرب طويلة الأمد دون رقابة كافية من الكونجرس".
ويشار إلى أن مجلس الشيوخ كان قد مرر مشروع قانون مماثل لإلغاء تفويضات الحرب في عام 2023، لكنه لم يحظَ آنذاك بموافقة مجلس النواب، مما حال دون دخوله حيز التنفيذ.
كما صوت مجلس النواب في عام 2021 لصالح إلغاء تفويض 2002، لكن المشروع تعثر في مجلس الشيوخ حين كان يسيطر عليه الديمقراطيون.