أزمة في الديمقراطية الأمريكية.. إرث ترامب يربك سياسة الرئيس القادم

في ولايته الأولى، ظهر دونالد ترامب كرئيس يفتقر إلى الخبرة السياسية، ويكافح للتأقلم مع قيود الدستور الأمريكي. أما في ولايته الثانية التي يصفها بعض المراقبين بـ"ترامب 2.0" فقد بات يُجسّد نموذجًا أكثر جرأة لرئيس أمريكي يمارس سلطاته بأسلوب "إمبراطوري"، يعيد صياغة حدود السلطة التنفيذية، ويثير مخاوف بشأن مستقبل النظام السياسي في الولايات المتحدة.
ووفق تقرير تحليلي لصحيفة نيويورك تايمز، فإن النهج الجديد لترامب لا يهدد الديمقراطية الأمريكية فقط، بل قد يتحول إلى سابقة يعتمد عليها الرؤساء القادمون، بما في ذلك من ينتمون إلى الحزب الديمقراطي، حيث يفصل التقرير بين ثلاث فئات من السلطات التي يُمارسها ترامب
صلاحيات تنفيذية داخل الجهاز الإداري
تشمل هذه الفئة قدرته على التحكم في الوكالات الفيدرالية، وتعيين القيادات، ومنح الامتيازات، وتستند جزئيًا إلى نصوص دستورية، وتتلقى دعمًا من المحكمة العليا، وعلى الرغم من الجدل المحيط بها، لم تواجه هذه الصلاحيات مقاومة سياسية فعالة، وقد تصبح أدوات في يد أي رئيس لاحق لإلغاء أو تثبيت سياسات ترامب.
صلاحيات مستغلة نتيجة تقاعس الكونجرس
حيث تتجلى في ميادين مثل الشؤون العسكرية والتجارة، ومن أبرز الأمثلة، الهجوم الأخير على قارب يُعتقد أنه يتبع لمهربين فنزويليين، حيث استخدم ترامب سلطته في شن عملية عسكرية دون الرجوع للكونجرس، في خرق واضح للتقاليد.
كما أن "الحرب التجارية" التي يقودها عبر فرض تعريفات جمركية تستند إلى تفسيرات قانونية غامضة تعكس استغلالًا لفراغ تشريعي تركه الكونغرس.
إجراءات مؤقتة مثيرة للجدل القانوني
تشمل قرارات من قبيل الضغط على الشركات، مهاجمة الجامعات، وإلغاء التأشيرات أو عمليات الترحيل، التي غالبًا ما تُبطل لاحقًا عبر القضاء، لكنها تُحقق أهدافًا سياسية فورية.
وترى نيويورك تايمز أن مستقبل هذه السلطات يتوقف على مدى جرأة الرؤساء القادمين، وقدرتهم على المضي بنفس الأسلوب، أو على العكس، مواجهة هذا النموذج، فبينما يصعب تقييد سلطات الحرب لغياب الإرادة التشريعية، قد يُبذل جهد للحد من التعريفات الجمركية إذا توفرت قيادة سياسية راغبة بذلك، أما عن الإجراءات المؤقتة، فهي تعتمد بشكل أساسي على شخصية الرئيس وشبكة الولاء من حوله، وهو ما تميز به ترامب تحديدًا.
إرث قد يستمر
حتى وإن لم يتمكن الرؤساء اللاحقون من ممارسة "الإمبراطورية الترامبية" بنفس القوة، فإن النموذج الذي يرسّخه ترامب قد يظل قائمًا، ووفق الصحيفة، فإن تراجع هذا النموذج يتطلب هزيمة كبرى له، إما عبر أزمة اقتصادية طاحنة، أو من خلال صدام دستوري مع المحكمة العليا، أو تحرك سياسي شامل يُعيد التوازن بين السلطات.
وبينما يبدو النظام السياسي الأمريكي على مفترق طرق، يُحذّر محللو نيويورك تايمز من أن الرئاسة الأمريكية – إذا استمرت في هذا الاتجاه – قد تُنتج قادة مستقبليين يمارسون سلطات لا تختلف كثيرًا عن النظم السلطوية، ولكن تحت غطاء القانون والديمقراطية الشكلية.