حكم ردّ السلام بالإشارة أثناء الصلاة.. أمر مشروع أم يفسدها؟

أكدت دار الإفتاء المصرية أن رد السلام بالإشارة أثناء الصلاة أمرٌ مشروع ولا يفسدها باتفاق الفقهاء، مشيرةً إلى أن الخلاف إنما وقع بينهم في درجة مشروعية تلك الإشارة، ما بين القول بوجوبها أو استحبابها أو القول بكراهتها.
وقالت الدار في بيان لها إن الأصل في الصلاة أنها عبادة قائمة على الخشوع والمناجاة مع الله تعالى، ولهذا لا يجوز للمصلي أن يرد السلام باللفظ، لأن الكلام الدنيوي يُبطل الصلاة بالإجماع، مستشهدةً بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ».
أراء الفقهاء
وأوضحت الدار أن الفقهاء اتفقوا على أن الرد بالإشارة لا يُفسد الصلاة، لأنه مجرد حركة عضو، وقد ثبتت الإشارة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أكثر من واقعة، منها ما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنه سلَّم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يصلي فأشار إليه بيده.
وبيّنت دار الإفتاء أن سبب اختلاف العلماء في الحكم مردّه إلى ورود الأمرين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ إذ وردت روايات أنه لم يرد السلام، كما وردت أخرى أنه رد بالإشارة، فحمل بعضهم الأمر على الوجوب، وبعضهم على الاستحباب، بينما ذهب آخرون إلى الكراهة.
وأضاف البيان أن المالكية في الأظهر يرون وجوب الرد بالإشارة، التزامًا بعموم قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: 86]، بينما ذهب الشافعية والحنابلة إلى استحبابه، وهو ما نُقل أيضًا عن بعض الصحابة الكرام مثل ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، في حين قال الحنفية بالكراهة، وإن أجازوه دون أن يترتب عليه فساد الصلاة.
وشددت دار الإفتاء على أن الخلاصة التي استقر عليها الفقهاء أن الإشارة مشروعة ولا حرج فيها، سواء أكانت واجبة أو مستحبة، وأنها تُغني عن الرد باللفظ الذي يبطل الصلاة، مؤكدة أن على المصلّي إذا سُلِّم عليه أن يكتفي بالإشارة، ثم يمكنه أن يرد لفظًا بعد الانتهاء من صلاته.
واختتمت الدار بيانها بالتأكيد على أن واقعة الرجل الذي يصلي في متجره فإذا مرّ عليه أحد وسلَّم أشار بيده ردًّا، هي واقعة صحيحة شرعًا ولا تفسد الصلاة، ولا إثم عليه فيها، بل إن بعض الفقهاء نصّوا على استحبابها، جمعًا بين حفظ حرمة الصلاة وردّ التحية للمسلم.