عاجل

هل التوبة من الغيبة تستلزم إعلام من وقعت عليه؟.. الإفتاء تجيب

الغيبة
الغيبة

أكدت دار الإفتاء المصرية أن التوبة من الغيبة لا تُشترط فيها إعلام الشخص الذي وقعت عليه الغيبة ولا طلب مسامحته، وذلك إذا لم يكن قد علم بها، مشيرة إلى أن هذا هو القول الراجح والمعتمد للفتوى، لما في إعلامه من مفاسد محتملة تفوق المصلحة المرجوة من التحلل.

جاء ذلك في ردّها على سؤال حول مدى لزوم إبلاغ من اغتيب عند التوبة من الغيبة، وهل يُشترط تحليله وطلب العفو منه حتى تُقبل التوبة.

هل التوبة من الغيبة تستلزم إعلام من وقعت عليه؟

وأوضحت الدار أن الغيبة من كبائر الذنوب، وهي أن يذكر الإنسان أخاه بما يكره في غيبته، كما جاء في الحديث النبوي الشريف: «الغيبة: ذكرك أخاك بما يكره»، وأن التوبة منها تتطلب أولًا: الندم على ما وقع، والإقلاع عنه، والاستغفار، والعزم على عدم العودة إليه، ثم الدعاء لمن اغتيب وذكر محاسنه في نفس المواطن التي اغتيب فيها.

لكنها بيّنت أنه لا يشترط في التوبة المقبولة أن يُعلم الشخص المغتاب بما قيل عنه، إذا لم يكن قد علم بذلك سابقًا، لأن في إخباره – على الأرجح – إفسادًا للعلاقة وفتحًا لباب العداوة والبغضاء، وهو أمر يخالف مقصد الشريعة في تحقيق التراحم والتآلف بين الناس.

واستدلت الدار بعدد من النصوص الشرعية، منها قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119]، وقوله ﷺ: «كفارة من اغتبته أن تستغفر له» [رواه البيهقي]. كما استندت إلى قاعدة فقهية معتبرة تقول: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، أي أن تجنب الإضرار بمشاعر الناس أو إفساد العلاقات أولى من تحقيق مصلحة إعلامهم بما لا يعلمون.

ما هي شروط التوبة من الغيبة؟

كما نقلت الدار عن أئمة المذاهب، كقول الحنابلة والحنفية والشافعية في أحد أقوالهم، أن التوبة تُجزئ دون إعلام المغتاب، وهو ما رجحه أيضًا شيخ الإسلام ابن تيمية، وعدد من علماء العصر.

وفي المقابل، أشارت إلى أن بعض المذاهب، كالمالكية، ترى وجوب التحلل ممن وقعت عليه الغيبة، حتى لو لم يعلم بها، ولو بصيغة عامة دون تحديد ما قيل، حرصًا على تطهير الذمة وحقوق العباد.

إلا أن دار الإفتاء شددت على أن الفتوى المختارة هي عدم اشتراط التحلل ولا الإعلام في حالة عدم علم الشخص بالغيبة، مع الالتزام بالدعاء له ومدحه والتوبة النصوح، مؤكدة أن ذلك يحقق مقاصد الشريعة في التوبة والإصلاح، دون أن يُفتح باب فتنة أو إيذاء جديد.

وختمت الفتوى بدعوة عامة إلى التخلق بخلق الستر والصفح، والحرص على صون اللسان، ومراقبة الله في الأقوال والأفعال، فذلك من علامات صدق التوبة وكمال الإيمان.

تم نسخ الرابط