اللي هيقرب لمصر هنشيله من على وش الأرض.. وداعاً اللواء شريف زهير

لم يكن صباح الخميس يوميًا عاديًا في وزارة الداخلية، بل كان بداية يوم حزين خيمت فيه مشاعر الصدمة والأسى، بعد أن استيقظت الأسرة الأمنية على نبأ رحيل اللواء شريف زهير، مساعد وزير الداخلية لقطاع التدريب، الذي فارق الحياة بشكل مفاجئ إثر سكتة قلبية لم تمهله وقتًا لتوديع زملائه أو استكمال ما بدأه من خطط تطويرية في موقعه الجديد، الذي لم يمضِ على توليه فيه سوى أسابيع معدودة ضمن حركة تنقلات الشرطة الأخيرة.
قائد رحل في أوج عطائه
اللواء شريف زهير، الذي غيّبه الموت وهو في ذروة عطائه المهني، كان يُعد أحد أبرز العقول التدريبية في وزارة الداخلية. التحق بكلية الشرطة عام 1989، ومنذ ذلك الحين خاض مسيرة أمنية طويلة، تدرج خلالها في مناصب قيادية عدة، كان أبرزها إدارته للمعهد القومي للتدريب، حيث أشرف على إعداد وتخريج أجيال من الضباط.
تميز الراحل بخبرة ميدانية واسعة، وكان له دور محوري في تطوير برامج التدريب الأمني، لاسيما في مجالي تأهيل القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب، ما جعله من الأعمدة الأساسية في المنظومة التدريبية داخل الوزارة.
صرامة وإنسانية في آن واحد
لم يكن اللواء زهير مجرد مسؤول إداري، بل كان مدرسة أمنية قائمة بذاتها. عُرف بصرامته في التدريب ودقته في المتابعة، لكنه في الوقت نفسه تحلى بإنسانية وحرص على نقل خبراته للأجيال الشابة، ما أكسبه احترام وحب كل من عمل معه، من زملاء ومرؤوسين على حد سواء.
وصيته الأمنية الأخيرة
كان آخر ظهور للواء الراحل خلال لقاء مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث أكد على جاهزية قوات مكافحة الإرهاب قائلاً:
«بنطمن سيادتك يا فندم أن قوات مكافحة الإرهاب جاهزة وعلى أعلى مستوى من التدريب والتسليح، واللي هيقرب لمصر هنشيله من على وش الأرض».
كلمات بقيت محفورة في الأذهان، وكأنها وصيته الأخيرة التي تعكس عمق إيمانه برسالة الدفاع عن الوطن.
جاء اختيار اللواء زهير في حركة تنقلات الشرطة لعام 2025، التي أقرّها اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، تتويجاً لمكانته المهنية، ورهاناً على كفاءته في تطوير قطاع التدريب، لكن القدر لم يمهله طويلاً، تاركاً فراغاً كبيراً وحالة من الحزن داخل أروقة الوزارة وبين كافة من عرفوه.
إرث لا يُنسى
برحيله، فقدت وزارة الداخلية قائداً مخلصاً ورمزاً للانضباط والاحتراف، لكن إرث اللواء شريف زهير سيبقى حاضراً في عقول وقلوب رجال الشرطة الذين تعلموا على يديه. وستظل سيرته مثالاً في الوفاء للوطن، والتفاني في خدمة أمنه واستقراره، وسيبقى صوته شاهداً على عقيدة أمنية راسخة بأن الدفاع عن مصر ليس مجرد وظيفة، بل عهدٌ يُفدى بالروح قبل السلاح.