عمرو فاروق: قيادات الإخوان تحاول طرح نفسها كطرف فاعل يمكنه فرض شروطه

وصف عمرو فاروق، الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، رغبة بعض قيادات الإخوان في الحوار مع الدولة المصرية بـ"الانتهازية السياسية"، مؤكدًا أن الجماعة المستفيد الوحيد من فكرة المصالحة خاصة أنها لم يعد لها تمثيل حقيقي في الشارع.
معارضون وقيادات إخوانية تسعى للمصالحة مع الدولة
وكشف معارضون وقياديون في الإخوان لـ"الشرق الأوسط"، عن أن الظروف مواتية للمصالحة مع الدولة، وأكد مؤسس ورئيس حزب "غد الثورة"، أيمن نور ورئيس "البرلمان المصري في الخارج"، القيادي الإخواني محمد عماد صابر، المقيمان في تركيا، لـ"الشرق الأوسط"، أن الجماعة مستعدة لإجراء حوار حقيقي.
مبادرات الإخوان التي تدعو للمصالحة “انتهازية سياسية”
وأكد عمرو فاروق في تصريحات خاصة لموقع "نيوز رووم"، أن مبادرات الإخوان التي تدعو إلى المصالحة تقع في نطاق الانتهازية السياسية، فضلًا عن تبنيها تنفيذ مجموعة من الإجراءات التي لا تملك فيها قراراً من عدمه، سواء امتناعها عن ممارسة السياسة لـ10 أو 20 سنة مقبلة، أو الاعتراف بشرعية النظام السياسي.
وأضاف: "الجماعة لم يعد لها تمثيل حقيقي في الشارع، مع تفكك تنظيمها وكيانها الحركي، وتخبط منهجها الفكري والأيديولوجي، واتساع دائرة الانشقاقات بداخلها، ومن ثم لا تبتغي الجماعة وممثلوها في الداخل أو الخارج سوى الإفراج عن سجنائها، رغم تورطهم في أعمال عنف مسلح، وخضوعهم لسيادة القانون الجنائي، وليس للنطاق السياسي، ما يعني رغبتها في منحها وضعاً استثنائياً لا يحق لها أو لغيرها وفقاً لعدالة القضاء المصري".
الإخوان المستفيد الأوحد من فكرة المصالحة
وأشار الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، أن جماعة الإخوان تدرك أنها المستفيد الأوحد من فكرة "المصالحة" التي تنادي بها، في ظل رغبتها في الخلاص من "العشرية السوداء" التي حلت بها منذ يونيو 2013، وتطلعها نحو "العشرية المكية" التي تمنحها فرصة تأطير وضعها التنظيمي والحركي، انكفاءً وانغلاقاً على ما تبقى من دوائرها التنظيمية أولاً، ثم التغلغل ثانية بين الصفوف المجتمعية، في عباءات دعوية واجتماعية وسياسية جديدة، لا سيما أنها تيقنت من أن استدعاء المظلومية لم يعد يجدي في تحقيق أهدافها المرحلية، ولم يزدها سوى تشرذم وتفكك.
وأوضح "فاروق" أن كل مبادرات الإخوان مجرد كلام في الهواء، ما لم تعلن الجماعة إعلاء قيمة الوطن والمواطنة، والتخلي عن العنف، والتباعد عن العمل السياسي، والتنازل عن مطامعها في الوصول إلى السلطة، وعليها الاعتراف بمسؤوليتها عن الدماء التي سالت على الأراضي المصرية منذ حزيران 2013، والاعتراف بمسؤوليتها عن النزعة التكفيرية التي انتابت العقل والمرجعية العربية، والاعتراف بأنها السبب الرئيسي في إنتاج العشرات من تنظيمات التطرف المسلحة، نتيجة الانحرافات الفكرية والعقائدية التي أسس لها وصاغها كل من سيد قطب وحسن البنا ومنظروها الآخرون.
ونوه إلى أن البراجماتية تحكم مساعي جماعة الإخوان ومشروعها، ومن ثم عليها قبل أن تنادي بالمصالحة أن تعلن تبنيها "مراجعات" شاملة على المستوى الفكري والحركي والسياسي، متضمنة مختلف القيادات والقواعد التنظيمية، وأن تعلن حل كيانها التنظيمي، وتجميد نشاطها، والانصهار في المجتمع المصري من دون أي مشاريع دعوية أو سياسية أو اجتماعية، والانصياع لمؤسسات الدولة ودستورها وقوانينها، وأن تعلن فك التنظيم الدولي تماماً، والتخلي عن مشروع "دولة الخلافة" بناءً على قناعات فكرية وعقائدية وسياسية وقومية.
وأوضح "فاروق" أن ثمة حقائق مهمة حول أكذوبة "المصالحة" التي ترغب فيها جماعة الإخوان للخلاص من تاريخها الدموي، وإعادة تقديم نفسها للرأي العام العربي والمصري ككيان سياسي سلمي، أهمها أنها ليست كياناً سياسياً، ولا تمثل المعارضة المصرية، كونها تنظيماً سرياً لديه قناعات وأدبيات قائمة على تكفير المجتمع وانتهاج العنف المسلح وشرعنته لمصلحة أهدافها، وتُرجم ذلك على أرض الواقع عقب ثورة 30 يونيو 2013 من خلال تنفيذ الكثير من العمليات المسلحة.
واختتم الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، تصريحاته الخاصة بالتأكيد على أن قيادات الإخوان تحاول تصدير صورة لاتباعها من دوائر الإسلام الحركي، أنها ما زالت موجودة في المشهد بقوة وقادرة على طرح نفسها على مائدة الحوار والتفاوض السياسي، كطرف فاعل مؤثر يمكنه فرض شروطه ومطالبه.