حكم التعامل المالي مع شخص أكثر ماله حرام.. يجوز في حالة واحدة

يسأل البعض عن حكم التعامل المالي مع شخص أكثر ماله حرام وأكدت دار الإفتاء المصرية أن اكتساب المال بطرق غير مشروعة يعد من أكل أموال الناس بالباطل، وهو ما نهى عنه الشرع الحنيف في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، مستشهدةً بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29]، وقوله سبحانه: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ...﴾ [البقرة: 188].
وأوضحت الدار –في فتوى منشورة على موقعها الرسمي– أن جميع الأموال التي يضع الإنسان يده عليها هي ملك لله تعالى، والإنسان مجرد مستخلف فيها على سبيل الابتلاء والاختبار، ولا يحق له التصرف فيها إلا بما أذن الله به من طرق مشروعة، وما عدا ذلك فهو تعدٍّ وظلم.
وأضافت أن من اكتسب مالًا بطريق حرام –كالرشوة أو الربا أو الغصب– لم يملكه شرعًا، ولا يحل له التصرف فيه، حتى ولو كان في وجوه البر؛ مشددة على أن الصدقة من المال الحرام لا تُقبل، ويجب رد المال إلى مالكه الأصلي إن عُرف، أو التصدق به عنه إذا جُهل صاحبه.
حكم التعامل المالي مع شخص أكثر ماله حرام
وبيّنت الفتوى أن التعامل المالي مع من يختلط في ماله الحلال بالحرام يختلف حكمه بحسب الغلبة والتمييز: فإذا كان الحرام أقل أو مختلطًا لا يمكن فصله عن الحلال، جاز التعامل مع الكراهة، أما إذا غلب الحرام على ماله، فالأولى اجتناب المعاملة إلا إذا دعت الضرورة أو كانت هناك حاجة ملحة، إذ يجوز حينئذ بلا كراهة.
ولفتت دار الإفتاء إلى أن جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة يرون أن معاملة من أكثر ماله حرام لا تحرم مطلقًا، وإنما تُكره خشية الوقوع في المحرم، مستشهدةً بأن النبي ﷺ وصحابته الكرام تعاملوا تجاريًا مع غير المسلمين، رغم أن أموالهم لم تخلُ من الحرام، وذلك مراعاةً لعموم البلوى وصعوبة التمييز بين الحلال والحرام.
وأشارت الفتوى إلى أن الأصل في الأموال هو الحل ما لم يثبت العكس يقينًا، وأن مجرد الشك أو الظن لا يكفي لتحريم المعاملة؛ لأن التوسع في الشكوك يؤدي إلى مشقة وحرج وقطع للتعاملات بين الناس، وهو ما ينافي مقاصد الشريعة.
واختتمت دار الإفتاء ببيان أن القول الراجح هو جواز المعاملة مع الكراهة، وأن الأولى للمسلم أن يحتاط لدينه وعرضه باجتناب الشبهات ما لم تدع الحاجة أو الضرورة إلى خلاف ذلك، تطبيقًا لحديث النبي ﷺ: «فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه».