الفرق بين علم الدين والتدين وخطورة التطفل في الإفتاء.. علي جمعة يوضح

نشر الأستاذ الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية السابق، تدوينة عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، أكد فيها على ضرورة التمييز بين علم الدين والتدين الشخصي، محذرًا من خطورة التطفل على مجال الإفتاء من غير المتخصصين.
الفرق بين علم الدين والتدين
وقال الأستاذ الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف : "إننا نرى ما يؤكد أنه ليس هناك اعتراف بالفرق بين علم الدين والتدين؛ ومن ذلك أن أستاذ العلوم أو الزراعة أو الصحافة أو الهندسة أو الطب صار يتكلم في شأن الفقه، ويناقش الفتوى الصادرة ممن تخصص وأمضى حياته في المصادر وإدراك الواقع. وما هذا إلا لأنه يظن أن كونه مثقفًا دينيًا أو متدينًا يُبيح له الخوض في العلم الشرعي، دون أن يدرك أن هناك فارقًا جوهريًا بين المعرفة العامة بالدين، وبين التخصص الدقيق فيه".
وأضاف الدكتور علي جمعة أن الخلط بين الفتوى والرأي أو المعلومة يعد من الأخطاء الشائعة، حيث يظن البعض أن كل إجابة عن سؤال ديني تُعد فتوى، أو أن كل من أبدى رأيًا في مسألة شرعية صار مفتيا.
وأوضح:
"الفتوى كحكم القاضي، لا تتبعها المناقشة الشعبية، بل تُحال إلى جهة علمية أعلى في حال الاعتراض. أما الرأي أو السؤال فلهما طبيعة مختلفة، فالرأي يُناقش، والسؤال يُجاب عنه، بينما الفتوى تحتاج إلى أهلية علمية ومؤسسية. كما أن رفض فتوى معينة لا يعني إهمال الأمر، بل يتطلب مراجعة جهة أكثر تخصصًا أو خبرة، مثلما لا يُناقَش الطبيب في رأيه الطبي إلا من طبيب آخر في مستواه أو أعلى منه".
وأكد فضيلته أن هذه الفوضى الفكرية في التعامل مع الفتاوى لا تختلف عن الفوضى في أي مجال آخر، مشبهًا الأمر بقول العامة: "أعطِ العيش لخبازه ولو أكل نصفه"، مطالبًا بإنهاء حالة "نظام الهواة" والعودة إلى الأكاديمية والتخصص، لأن "مجرد التزام الإنسان بدينه لا يجعله عالِمًا، مثلما لا يصبح الإنسان طبيبًا لمجرد محافظته على صحته".
واختتم الدكتور علي جمعة تدوينته بالدعاء قائلاً:
"أسأل الله ألا تكون هذه البلبلة مقصودة، وألا يكون الهدف منها هو تحويل علم الفتوى إلى ساحة نقاش شعبي مفتوح بلا ضوابط علمية أو منهجية. فالأمر لا يتعلق بحرية رأي بقدر ما يتعلق بمنهج فكر مستقيم يجب اتباعه، حتى لا نهرف بما لا نعرف".