منظمات إسرائيلية تتهم حكومة نتنياهو بارتكاب جرائم إبادة في غزة

في تطور غير مسبوق على الساحة الحقوقية الإسرائيلية، أصدرت منظمتان بارزتان في مجال حقوق الإنسان في إسرائيل، هما "بتسيلم" و"أطباء من أجل حقوق الإنسان بإسرائيل"، تقريرين منفصلين توصّلا إلى أن تصرفات حكومة رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو في قطاع غزة ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.
ووفقًا لما نشرته صحيفة واشنطن بوست، تعد هذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها هذا الاتهام عن جهات إسرائيلية، رغم أن اتهامات مماثلة سبق أن وُجّهت من منظمات دولية لحقوق الإنسان وحكومات أجنبية.
إسرائيل تتهم نتنياهو بجرائم الإبادة
ووفقًا للتقريرين، فإن المنظمتين قامتا بتحليل شامل لسلوك إسرائيل في غزة على مدار 21 شهرًا، شمل دراسة الخطاب الصادر عن كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، وانتهت إلى وجود نية متعمدة لاستهداف السكان المدنيين بالكامل، وليس فقط العناصر المسلحة، عبر تدمير البنية التحتية المدنية والصحية في القطاع.
وفي هذا السياق، قال جاي شاليف، المدير التنفيذي لمنظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان بإسرائيل":"بناءً على تحليل قانوني دقيق للحقائق، نعلن بقلب مثقل أن ما يجري هو إبادة جماعية".
وأضاف شاليف أن التدمير الممنهج لنظام الرعاية الصحية، ومنع الوصول إلى الغذاء، وعرقلة عمليات الإجلاء الطبي، واستخدام المساعدات الإنسانية كوسيلة لتحقيق أهداف عسكرية، كلها تشير إلى وجود نمط سلوكي واضح، يُظهر نية واضحة خلف هذه السياسات.
من جهتها، أوضحت منظمة "بتسيلم" في تقريرها الذي جاء في 79 صفحة، أن التكتيكات العسكرية الإسرائيلية تجاوزت الحدود اللازمة لتفكيك حركة حماس، وذهبت إلى حد استخدام خطاب علني من مسؤولين إسرائيليين يدعو إلى تجويع سكان غزة وتدمير القطاع، الذي يقطنه نحو مليوني فلسطيني، في انتهاك صارخ لأبسط المعايير الإنسانية.
تأتي هذه الاتهامات في ظل تصاعد الانتقادات الدولية لإسرائيل بسبب قيودها المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث كان من بين أبرز الأصوات المنتقدة مؤخرًا اتحاد اليهودية الإصلاحية في الولايات المتحدة وهو أكبر هيئة تمثل اليهودية الإصلاحية والذي دعا حكومة الاحتلال الإسرائيلية إلى السماح بإدخال الغذاء دون قيود، في ضوء الأزمة المتفاقمة.
من جانبها، شددت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) على أن الطريقة الوحيدة لوقف المجاعة في قطاع غزة هي إدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري وواسع النطاق.
وأكدت أن أي تأخير أو منع لإدخال الإغاثات يؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية، التي أصبحت تهدد حياة الملايين، خصوصًا الأطفال والنساء وكبار السن، في ظل تدمير واسع للبنية التحتية الصحية والغذائية في القطاع.
وفي ذات السياق، وصف مقرر الأمم المتحدة المعني بالتنمية الوضع في قطاع غزة بأنه كارثي بكل المقاييس، مشيرًا إلى أن "إسرائيل لا تبدي أي احترام للقانون الدولي"، وأن ما قامت به خلال 21 شهرًا لا يمكن تبريره تحت أي ظرف. وأكد أن ما يجري يمثل انهيارًا كاملًا للمعايير الإنسانية الدولية، خاصة في ظل الحصار المفروض ومنع دخول المساعدات، مما خلق وضعًا مروعًا يؤثر بشكل مباشر على المدنيين، ويمتد أثره إلى النظام البيئي بفعل التدمير الممنهج لمصادر الحياة.
وفي تقييمه للوضع، أشار المقرر الأممي إلى وجود إجماع دولي متزايد على أن سلوك إسرائيل في غزة قد يرقى إلى جريمة إبادة جماعية، مستندًا إلى أدلة دامغة على تفشي المجاعة بسبب الحصار المتعمد، ومؤكدًا أن منع المساعدات الغذائية والطبية يدخل في نطاق العقوبات الجماعية، وهي ممارسة محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي.
وحذر من أن استمرار الإفلات من العقاب يشجع على تكرار هذه الانتهاكات، منتقدًا ما وصفه بـ"الحصانة الدولية" التي تتمتع بها إسرائيل، والتي تعيق تنفيذ العدالة الدولية، معتبرًا أن ذلك يضع المجتمع الدولي أمام اختبار أخلاقي وقانوني خطير، في مواجهة واحدة من أكثر الكوارث الإنسانية تعقيدًا في التاريخ الحديث.