عبدالمنعم سعيد: 7 أكتوبر غيّر خريطة الشرق الأوسط والمقاومة تحتاج أكثر| فيديو

أكد المفكر السياسي الدكتور عبدالمنعم سعيد أن الأحداث التي شهدها الشرق الأوسط في أعقاب هجوم 7 أكتوبر 2023 شكلت تحولًا جذريًا في المشهد الإقليمي، موضحًا أن المنطقة كانت قبل هذا التاريخ تسير في اتجاه مختلف تمامًا عنوانه "السلام والتنمية"، لكنه اصطدم بمعادلات جديدة فرضتها قوى ما يُعرف بـ"الممانعة".
9 دول عربية راهنت على التنمية
قال عبدالمنعم سعيد، خلال لقائه مع الإعلامية آية عبدالرحمن في برنامج "ستوديو إكسترا" على قناة "إكسترا نيوز"، إن الفترة السابقة للهجوم كانت تتسم بوضوح في الخيارات السياسية والاقتصادية لمعظم الدول العربية، حيث اختارت 9 دول، من بينها مصر، الأردن، المغرب، والدول الخليجية الستة، طريق الاستقرار والتنمية، وعملت على بناء مؤسسات حديثة والنهوض باقتصادياتها.
وأوضح عبدالمنعم سعيد أن هذه الدول لم تُهمل القضايا الإقليمية الكبرى مثل القضية الفلسطينية والسورية واليمنية، بل سعت إلى حلّها عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية، ما يعكس إدراكها لحجم التحديات وأهمية استقرار المنطقة.
تحالفات خارج الدولة
في المقابل، تحدث عبدالمنعم سعيد عن وجود تيار موازٍ في المنطقة يُعرف بـ"معسكر المقاومة والممانعة"، يضم دولًا مثل إيران وتركيا وإسرائيل، استغل أجواء ما بعد الربيع العربي لبناء قوى غير نظامية داخل عدد من الدول، من خلال دعم وتشكيل ميليشيات مسلحة خارجة عن سيطرة الحكومات المركزية، ما أدى إلى زيادة التعقيد الأمني والسياسي في الشرق الأوسط.
وأشار عبدالمنعم سعيد إلى أن هذه القوى لجأت إلى استراتيجيات غير تقليدية لتحقيق النفوذ، مستفيدة من الفراغات الأمنية والسياسية التي خلفتها الثورات، لتنشئ كيانات مثل الحشد الشعبي في العراق، الحوثيين في اليمن، حزب الله في لبنان، وحماس في غزة.
بين الردع والتخطيط الاستراتيجي
وتطرق عبدالمنعم سعيد إلى الدور الإسرائيلي في هذا السياق، واصفًا إياها بأنها "دولة صغيرة" من حيث المساحة والسكان، لكنها تتمتع بقوة نووية وتخطيط استراتيجي متقدم، وتمكنت على مدار سنوات من رصد تسلح الجماعات المسلحة في الإقليم.
وبيّن عبدالمنعم سعيد أن إسرائيل كانت تتابع بدقة ما يمتلكه حزب الله والحوثيون والحشد الشعبي، إلى جانب حماس، لكن عملية 7 أكتوبر شكّلت مفاجأة عسكرية واستراتيجية غير مسبوقة، سواء في حجم التنفيذ أو في نجاحها التكتيكي داخل العمق الإسرائيلي، ما أدى إلى ارتباك في الحسابات الأمنية.
أهمية التخطيط في المقاومة
حذّر عبدالمنعم سعيد من الخلط بين النجاح التكتيكي والنصر الاستراتيجي، مشيرًا إلى أن المقاومة تحتاج إلى حسابات دقيقة وخطط طويلة المدى، وليس فقط ضربات مفاجئة، قائًلا: "النشوة التي أعقبت الضربة الإسرائيلية تُعبّر عن الغضب الشعبي المكبوت من الاحتلال، لكنها لا يمكن أن تحل محل التخطيط المحكم أو أن تُعوّل عليها كاستراتيجية دائمة للمواجهة."
وشدد عبدالمنعم سعيد على أن تحقيق توازن فعلي مع الاحتلال الإسرائيلي يتطلب أكثر من مجرد عمليات نوعية، بل مسارًا سياسيًا ومقاومة ذكية تفهم طبيعة التحولات في المنطقة، وتستثمر في وحدة الصف الفلسطيني والدعم العربي والدولي.

المنطقة على مفترق طرق
في ختام حديثه، أشار عبدالمنعم سعيد إلى أن ما بعد 7 أكتوبر لم يعد كما قبله، فالتوازنات تتغير، والتحالفات تُعاد تشكيلها، وهناك حالة سيولة إقليمية قد تؤدي إلى سيناريوهات متباينة، تعتمد على قدرة الدول على التعامل العقلاني مع المتغيرات، سواء من خلال تطوير أدوات الردع أو عبر تبنّي مسارات شاملة لحل النزاعات.
وأكد أن الشرق الأوسط يمر بمرحلة دقيقة تحتاج إلى رؤية إستراتيجية شاملة، تعي أن الصدام لا يمكن أن يكون السبيل الوحيد، وأن التنمية والسلام لا يزالان الطريق الأكثر استدامة في مواجهة التحديات الكبرى.