عبد المنعم سعيد: الصين تسير بخطة استراتيجية نحو الصدارة | فيديو

أكد الدكتور عبد المنعم سعيد، المفكر السياسي والخبير في الشؤون الدولية، أن الصين تمضي بخطى استراتيجية ثابتة نحو احتلال موقع متقدم على الساحة العالمية، لكنها لا تزال تفصلها مسافة واسعة عن الولايات المتحدة من حيث التأثير والهيمنة الشاملة، مشيرًا إلى أن ما حققته الصين لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة تخطيط طويل المدى بدأ قبل أكثر من عقدين.
واشنطن تتجه للتكنولوجيا
وخلال لقائه مع الإعلامية آية عبد الرحمن في برنامج "ستوديو إكسترا" على شاشة إكسترا نيوز، أوضح عبد المنعم سعيد أن الولايات المتحدة اتخذت قرارًا استراتيجيًا بالخروج من بعض الصناعات التقليدية مثل الملابس والسيارات، وفضلت التركيز على المجالات الأكثر تقدمًا مثل الرقمنة، الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا الفضاء.
وقال عبد المنعم سعيد: "الصين بدأت الدخول في المجالات التي تخلت عنها الولايات المتحدة، فملأت هذا الفراغ الصناعي بسرعة واقتدار، ونجحت في أن تتحول إلى مصنع العالم"، مشيرًا إلى أن هذه التحولات ليست عشوائية، بل تعكس إدراكًا صينيًا لطبيعة المرحلة وتوزيع الأدوار العالمي، حيث فضّلت بكين البناء من القاعدة الصناعية، بينما حافظت واشنطن على ريادتها في الاقتصاد الرقمي والتقنيات المتقدمة.
الصين قوة كبرى
وفيما يتعلق بالدور الصيني في القضايا الدولية، أشار عبد المنعم سعيد إلى أن الصين تتعامل مع النزاعات العالمية بنهج مختلف عن القوى الغربية، مستشهدًا بموقفها من الحرب في غزة، حيث اكتفت بالإدانة دون تقديم مشروع قرار أو مبادرة جادة في مجلس الأمن.
وأوضح عبد المنعم سعيد:الصين تدين لكنها لا تتدخل، وهذا يعكس طبيعة قوتها.. فهي قوة عظمى من نوع خاص، وبالتالي لا ينبغي أن نتوقع منها أدوارًا لا تتماشى مع طبيعة نظامها السياسي أو مصالحها الاستراتيجية، مشيرًا أن القوة الصينية لا تُقاس فقط بقدرتها العسكرية أو تدخلاتها الخارجية، بل بنفوذها الاقتصادي، واتساع نطاق علاقاتها التجارية، وقدرتها على الحفاظ على استقرار داخلي مدهش في دولة تضم أكثر من مليار نسمة.
من المجاعة إلى الريادة
وسلط عبد المنعم سعيد الضوء على التجربة التنموية الفريدة للصين، واصفًا إياها بـ"التحول المعجزة"، حيث نجحت خلال عقود قليلة في الانتقال من بلد كان يعاني المجاعات إلى قوة اقتصادية عالمية، ذكرًا بأن نحو 30 مليون صيني قضوا جوعًا في عهد ماو تسي تونغ، قبل أن تتغير بوصلة الدولة عام 1978 باتجاه الانفتاح والإصلاح.
قال عبد المنعم سعيد: "في عام 1978، طرحت الصين على نفسها سؤالًا جوهريًا: لماذا لا نكون أغنياء؟ ولماذا لا نكون في المقدمة؟ ومن هنا بدأت رحلة النهوض الشامل"، أن البشر هم الثروة الحقيقية لأي دولة، مشيرًا إلى أن الشعوب هي من تصنع الفقر أو الثراء بعقولها وسواعدها، وليس الموارد الطبيعية فقط، داعيًا الدول النامية إلى الاستفادة من الدروس الصينية في بناء الاقتصاد والاستثمار في الإنسان.
لا توجد دول غنية بالفطرة
وفي ختام حديثه، شدد الدكتور عبد المنعم سعيد على أن التجربة الصينية تؤكد حقيقة أساسية: "لا توجد دول غنية وأخرى فقيرة بطبيعتها .. بل توجد شعوب تعرف كيف تصنع التقدم، وأخرى لم تبدأ بعد".
وأشار عبد المنعم سعيد إلى أن العالم اليوم أمام نظام دولي جديد يتشكل، تكون فيه المكانة مرهونة بالقدرة على الإنتاج والابتكار والتفاعل الذكي مع تحديات العصر، موضحًا أن السباق لم يُحسم بعد، لكن الصين دخلت المنافسة بقوة وبنموذج فريد يفرض احترامه.

مستقبل العلاقات الدولية
بهذا الطرح الواقعي، يقدم الدكتور عبد المنعم سعيد قراءة عميقة لموقع الصين في النظام الدولي، ويبرز الفجوة القائمة بينها وبين الولايات المتحدة، مع الإشارة إلى طبيعة التنافس ومستقبل العلاقات الدولية في ظل تنامي قوى جديدة تقودها الاقتصادات المعرفية والإرادة السياسية طويلة المدى.