عاجل

عبد المنعم سعيد: العالم يدخل نظامًا عالميًا جديدًا تقوده التكنولوجيا والاقتصاد

الدكتور عبدالمنعم
الدكتور عبدالمنعم سعيد

أكد الدكتور عبدالمنعم سعيد، المفكر السياسي وأحد أبرز المتخصصين في العلاقات الدولية، أن النظام العالمي يشهد تحولًا عميقًا ومتصاعدًا، تقوده متغيرات ديموغرافية وتكنولوجية وجيوسياسية، مشيرًا إلى أن الثبات لم يعد سمة العلاقات الدولية، وأن التغيير هو السُّنة الحاكمة للعالم المعاصر.

لا ثبات في النظام العالمي

وخلال لقائه مع الإعلامية آية عبدالرحمن في برنامج "ستوديو إكسترا" عبر قناة "إكسترا نيوز"، شدد عبدالمنعم سعيد على أن النظام العالمي لم يعد ساكنًا كما في العقود السابقة، بل يتحرك بوتيرة متسارعة نحو أشكال جديدة من التفاعلات، مدفوعة بعدة عوامل، في مقدمتها النمو السكاني، والانفجار التكنولوجي، وإعادة تشكيل القوى الدولية.

وأضاف عبدالمنعم سعيد: العالم تغير كثيرًا، فعدد سكان العالم بلغ الآن 8 مليارات نسمة. هل نحن كما كنا عندما كنا 7 مليارات؟ الإجابة لا.. الأمر يتجاوز مجرد الزيادة السكانية، إنه يتعلق بزيادة الطلب على الموارد، والغذاء، والسكن، والهيمنة والنفوذ".

القوى الكبرى تتغير

وفي معرض حديثه عن التحولات في ترتيب القوى الدولية، أوضح عبدالمنعم سعيد أن روسيا لم تعد ضمن القوى الكبرى المؤثرة عالميًا، لولا امتلاكها ترسانة نووية هائلة، مشيرًا إلى أن النفوذ العالمي لم يعد يُقاس فقط بالسلاح، بل بالقدرات الاقتصادية والتكنولوجية، وهي المجالات التي تفتقر إليها موسكو اليوم.

قال عبدالمنعم سعيد: "روسيا لم تقدم إسهامات اقتصادية أو تكنولوجية تذكر.. لا أحد يطلب سيارات أو أجهزة منزلية روسية، وهذا يعكس تراجع تأثيرها الفعلي، رغم قوتها العسكرية".

الصين المنافس الحقيقي 

وعلى الجانب الآخر، أكد عبدالمنعم سعيد أن الصين تمثل المنافس الاستراتيجي الحقيقي للولايات المتحدة في النظام العالمي الجديد، نظرًا لما تحققه من تقدم اقتصادي وتكنولوجي هائل، قائًلا: “ بكين استطاعت أن تدخل في مجالات الصناعات الدقيقة، والتقنيات المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، لتصعد بسرعة في هرم القوى الدولية”.

وأشار عبدالمنعم سعيد إلى أن العالم لم يعد ساحة تقليدية لصراع الأيديولوجيات كما في الماضي، بل باتت التكنولوجيا والمعرفة والاقتصاد هي عناصر التفوق الرئيسية.

سلاح الحاضر والمستقبل

ورأى عبدالمنعم سعيد أن التكنولوجيا أصبحت حجر الزاوية في تقييم مكانة الدول، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة نجحت في تحويل إنجازاتها في الفضاء إلى تطبيقات مدنية واستخدامات تجارية، مثل الأقمار الصناعية والاتصالات ونظام "الواي فاي"، بينما فشلت روسيا في استثمار خبراتها الفضائية بنفس الكفاءة أو الاستفادة منها اقتصاديًا.

قال عبدالمنعم سعيد: "الولايات المتحدة استخدمت الفضاء لتطوير أنظمة الاتصالات والبنية الرقمية، بينما روسيا لم تستثمر في ذلك رغم بدايتها المبكرة في مجال الفضاء".

النظام العالمي الجديد

وفي ختام حديثه، أكد الدكتور عبدالمنعم سعيد أن النظام العالمي الجديد يقوم على ثلاث ركائز رئيسية: "الاقتصاد القوي، التكنولوجيا المتقدمة، القوة الناعمة من خلال الثقافة والتأثير الإعلامي والعلاقات الدولية.

وأوضح عبدالمنعم سعيد أن من يمتلك هذه المقومات هو من يحدد قواعد اللعبة في النظام الدولي، مضيفًا أن الصراعات المستقبلية لن تُحسم فقط بالدبابات والطائرات، بل بالأقمار الصناعية، والبيانات، والاقتصاد الرقمي.

الدكتور عبدالمنعم سعيد
الدكتور عبدالمنعم سعيد

قراءة واقعية لمستقبل مضطرب

طرح الدكتور عبدالمنعم سعيد قراءة عميقة لمستقبل العلاقات الدولية، تعتمد على فهم الديناميكيات الجديدة، بعيدًا عن الرؤى التقليدية المبنية على القوة العسكرية فقط، مشيرًا إلى أن النظام العالمي يتجه نحو معادلات أكثر تعقيدًا وارتباطًا بالمعرفة والتقنية والتكامل الاقتصادي.

هذه الرؤية تقدم خريطة ذهنية مهمة لصنّاع القرار في العالم العربي، لفهم التحديات الجديدة ومواكبة المتغيرات، ضمن نظام عالمي لا يعترف بالجمود، بل يكافئ الدول التي تسبق بالعلم والتكنولوجيا والابتكار.

تم نسخ الرابط