عاجل

هل يجوز قضاء الفوائت جماعة؟.. دارالإفتاء توضح الحكم الشرعي

الصلاة
الصلاة

قالت دار الإفتاء المصرية أنه يجوز لمن فاتته صلاة مفروضة أن يقضيها جماعة، سواء أكان هو الإمام أو المأموم، بشرط أن تتفق الصلاتان في الهيئة الظاهرة وأفعالها، كعدد الركعات وهيئة الأداء. أما إذا اختلفت الصلاتان في ظاهر الأفعال، كأن تكون إحداهما صلاة مفروضة والأخرى صلاة كسوف أو جنازة، فلا يصح الاقتداء حينئذٍ؛ لاختلاف النظم وعدم إمكان المتابعة في الأركان

حكم تأخير الصلاة عن وقتها دون عذر


من المعلوم أن الصلوات الخمس قد فرضها الله تعالى على المسلم المكلّف في أوقاتٍ محددة لا يجوز التهاون بها، لقوله تعالى:
﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103].
ويأثم المسلم إذا أخّر الصلاة عن وقتها بغير عذر شرعي، كالنوم أو النسيان. وقد روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
«من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك»، ثم قرأ: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14].

فضل صلاة الجماعة


حثَّ النبي ﷺ على أداء الصلاة جماعةً، ورغَّب فيها بشدة، لما فيها من مضاعفة الأجر والتقرب إلى الله، فقال فيما رواه الشيخان:
«صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة».
وروى الترمذي عن أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
«من صلى لله أربعين يومًا في جماعة يدرك فيها التكبيرة الأولى، كُتبت له براءتان: براءة من النفاق، وبراءة من النار».

رأي الفقهاء في قضاء الفوائت جماعة


نظرًا لما في الجماعة من الفضل، فقد أجمع الفقهاء على أنه يجوز لمن فاتته صلاةٌ من الصلوات الخمس -عدا الجمعة- أن يقضيها جماعة إذا كانت الصلاة المقضية واحدة بينهم، كأن يكون الجميع يقضي صلاة الظهر.
وقد استدلوا على ذلك بما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي ﷺ وأصحابه فاتهم وقت صلاة الفجر أثناء سفر، فلم يستيقظوا إلا بعد طلوع الشمس، فأمرهم أن يتحركوا من مكانهم، ثم توضأ ﷺ وأقيمت الصلاة، فصلى بهم الفجر جماعة، فدلّ ذلك على جواز قضاء الفائتة جماعة.

وقد نص الفقهاء على ذلك في كتبهم، فقال:
• النفراوي المالكي في الفواكه الدواني (1/207): “الجماعة في الفريضة سنة، سواء كانت حاضرة أو فائتة”.
• الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع (1/154): “وإذا فاتت الجماعة صلاة واحدة، جاز قضاؤها جماعة بأذان وإقامة”.
• النووي الشافعي في المجموع (4/189): “الجماعة في الصلاة المقضية مستحبة إذا اتفقت الصلاة بين الإمام والمأموم”.
• البهوتي الحنبلي في كشاف القناع (1/262): “يُستحب قضاء الفائتة جماعة إن تيسّر ذلك، اقتداءً بالنبي ﷺ”.

وقد نقل النووي عن القاضي عياض اتفاق العلماء على جواز الجماعة في قضاء الصلاة، سوى ما رُوي عن الليث بن سعد من المنع، وهو قولٌ ضعيف مخالف للأحاديث الصحيحة وإجماع من سبقه

اختلاف الفقهاء في اشتراط اتحاد الصلاة بين الإمام والمأموم


تفاوتت آراء الفقهاء في مسألة اشتراط اتحاد الصلاة بين الإمام والمأموم لأجل صحة الاقتداء، ويمكن تلخيص أقوالهم على النحو التالي:
• الحنفية والمالكية: اشترطوا أن تتحد صلاة الإمام والمأموم في السبب والفعل والوصف، فلا يصح أن يصلي من فاتته صلاة الظهر خلف إمام يصلي العصر، سواء أداء أو قضاء، واستدلوا بحديث: «إنما جُعل الإمام ليؤتم به» [متفق عليه]، أي لا يجوز أن يختلف المأموم عن الإمام في نظم صلاته.
• قال الدردير المالكي في الشرح الكبير (1/339): “يُشترط أن تتفق صلاة الإمام والمأموم في عينها، فلا يصح أن يصلي الظهر خلف العصر، ولو كانت إحداهما أداء والأخرى قضاء”.
• وقال الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع (1/138): “يجب اتحاد الصلاتين سببًا وفعلًا ووصفًا، لأن المأموم يبني تحريمته على تحريمة الإمام، وذلك لا يتحقق إلا عند اتحاد الصلاة”.
• الحنابلة: ذهبوا إلى جواز أن يأتمّ من يقضي صلاة بمن يؤديها، بشرط أن تكون نفس الصلاة، كأن يقضي المأموم الظهر خلف من يصليها أداءً.
• قال البهوتي في كشاف القناع (1/484): “يصح ائتمام من يقضي الصلاة بمن يصليها أداءً، ويجوز ائتمام من يقضي ظهرًا بظهرٍ من يوم آخر”.
• الشافعية: خالفوا المذاهب الأخرى وأجازوا الاقتداء إذا اتفقت أفعال الصلاة الظاهرة، دون اعتبار لوحدة الصلاة في الاسم أو السبب أو الوقت.
• قال النووي في منهاج الطالبين (ص 42): “تجوز قدوة المؤدي بالقاضي، والظهر بالعصر، وبالعكس، بل وتصح الصلاة خلف من يصلي الفجر أو المغرب، ويُعامل المأموم حينئذٍ كالمسبوق”.
• وقال الماوردي في الحاوي الكبير (2/316): “هذا أوسع المذاهب”.
• واستدلوا بحديث معاذ رضي الله عنه الذي كان يصلي مع النبي ﷺ ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم، فكانت له نافلة ولهم فريضة، مما يدل على صحة الجماعة رغم اختلاف النية.

وقد أجاب الشافعية عن الاستدلال بحديث: «إنما جُعل الإمام ليؤتم به» بأن المراد الاقتداء في الأفعال لا في النيات، وهو ما يُفهم من تتمة الحديث: «فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا…»

تم نسخ الرابط