إفريقيا توحّد رؤاها من «مالابو»: العدالة أولًا لتحقيق الاستقرار

اختتمت الجلسة الافتتاحية للقمة النصف سنوية للاتحاد الإفريقي، المنعقدة في العاصمة الغينية مالابو، وسط حضور رفيع المستوى لرؤساء الدول والحكومات الأعضاء، حيث تصدرت ملفات العدالة والتعويضات جدول أعمال القمة، التي تُعقد هذا العام تحت شعار "تعزيز العدالة والتعويضات من أجل تنمية مستدامة".
وفي تقرير مباشر من مالابو، أوضح الإعلامي كريم حاتم، موفد قناة "القاهرة الإخبارية"، أن كلمات القادة والزعماء خلال الجلسة الافتتاحية ركزت على ضرورة بناء شراكات استراتيجية بين الدول الإفريقية، وتعزيز التكامل الإقليمي في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه القارة، خاصة في الجوانب الاقتصادية والأمنية والمناخية.
آليات العدالة الانتقالية
وأشار حاتم، في مداخلته مع الإعلامي محمد عبيد عبر شاشة "القاهرة الإخبارية"، إلى أن هناك اهتمامًا خاصًا خلال القمة بتفعيل آليات العدالة الانتقالية، والتعويضات المرتبطة بالإرث الاستعماري، والآثار الاقتصادية المترتبة على النزاعات والصراعات، باعتبارها قضايا محورية لتحقيق المصالحة والتنمية الشاملة داخل القارة.
حق تاريخي عن فترات الاستعمار
وأوضح أن ملف التعويضات يُناقش على مستويين: الأول مباشر، يشمل التعويضات المالية التي تطالب بها الدول الإفريقية كحق تاريخي عن فترات الاستعمار، والثاني غير مباشر، يتمثل في التعاون التنموي والدعم الأوروبي لخطط التنمية في القارة، كنوع من إعادة الاعتبار والمساندة طويلة الأمد.
وأشار إلى أن الجلسات المغلقة للقمة ما تزال مستمرة، لافتًا إلى أهمية الجلسة التي تحدث فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي، بصفته رئيس القدرة الإقليمية لمنطقة شمال إفريقيا، حيث تتناول أوضاع التكامل القاري والإقليمي عبر المجموعات الاقتصادية وآليات العمل المشترك.
ومن ناحية أخرى، أكد محمود علي يوسف، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، خلال كلمته في الاجتماع التنسيقي الأفريقي، أن القارة الأفريقية تمتلك فرصًا هائلة لتصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي العالمي، مشددًا على أهمية تعزيز التكامل الإقليمي والاستفادة من الموارد الطبيعية ورقمنة الاقتصادات لتحقيق التنمية المستدامة.
افتتح يوسف كلمته بتوجيه الشكر لرئيس جمهورية غينيا الاستوائية والشعب على حسن الاستضافة، معربًا عن أن عقد الاجتماع في غينيا الاستوائية يعكس روح التعاون والتضامن الأفريقي.
وأشار إلى أن العالم يشهد تحولات جيوسياسية واقتصادية كبيرة، لا سيما في أعقاب اجتماعات مجموعة بريكس، مما يحتم على أفريقيا تسريع وتيرة التكامل الاقتصادي من خلال تعزيز منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA).
وشدد على ضرورة زيادة التجارة البينية الأفريقية بنسبة 50% بحلول عام 2035، من خلال إزالة الحواجز غير الجمركية وتسهيل التبادل التجاري بين الدول الأفريقية.
أفريقيا.. ثروات هائلة غير مستغلة
لفت رئيس المفوضية إلى أن أفريقيا تحوي 50% من احتياطي المنجنيز العالمي، بالإضافة إلى ثروات معدنية كبيرة مثل النحاس والكوبالت، مشيرًا إلى أهمية تحويل هذه الموارد من مواد خام إلى منتجات مصنعة ذات قيمة مضافة. كما أبرز الإمكانات الزراعية الضخمة في سلاسل قيمة الكاكاو والقهوة، والتي تتطلب استثمارات لتعظيم الفائدة الاقتصادية.
وأكد أن مستقبل القارة يعتمد بشكل كبير على رقمنة الاقتصادات لرفع معدلات الإنتاجية، مستشهداً بتجارب رواندا وكينيا ونيجيريا في هذا المجال. كما دعا إلى جذب استثمارات الشتات الأفريقي عبر تحسين الأنظمة الضريبية وإصدار السندات السيادية، مشددًا على ضرورة تحقيق نمو مبتكر ومستدام بعيدًا عن الاعتماد على المساعدات الخارجية.
في ختام كلمته، دعا محمود علي يوسف جميع الدول الأفريقية إلى الالتزام الكامل بتنفيذ اتفاقيات AfCFTA، معربًا عن ثقته بأن أفريقيا قادرة على قيادة مسيرة النمو الاقتصادي العالمي إذا ما تم استغلال مواردها الطبيعية والرقمية بشكل استراتيجي.