عاجل

«اختلال الأحجام» .. داود الشريان يكشف سبب تعطل وحدة الخليج العربى

داود الشريان
داود الشريان

انتقد الإعلامي السعودي داود الشريان الطرح الأخير للشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، بشأن الاتحاد الخليجي، معتبرًا أنه يعيد إنتاج معضلة التخوف من "اختلال الأحجام" بدلًا من مواجهتها بثقة ومسؤولية.

وفي تغريدة عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، قال الشريان: "ضرورة الوحدة وهواجس الذوبان.. رد على طرح الشيخ حمد بن جاسم.. في سياق إقليمي يزداد اضطرابا، تعود إلى الواجهة تساؤلات مشروعة عن مصير الاتحاد الخليجي، وعن أسباب تعثره رغم ما يبدو من إجماع ظاهري على ضرورته. 

وقد جاء طرح الشيخ حمد بن جاسم، ليحرك هذه التساؤلات مجددا، لكن بلغة تعيد إنتاج المعضلة لا تفككها ؛ معضلة التخوف من اختلال الأحجام، لا غياب الأنظمة".

وأضاف: "وفي لحظةٍ تتطلب فيها المنطقة أعلى درجات التماسك، فإن الدعوة إلى تقنين الشكوك بدلا من تجاوزها تبدو أقرب إلى محاولة ترسيم حدود الخوف، لا فتح آفاق الثقة. 

وهنا محاولة لطرح الإشكالية من زاوية مكملة، ستظل الشراكة الخليجية ناقصة ما دامت محكومة بهواجس التاريخ، أو معلقة على تحفظات غير معلنة تعيق بناء الثقة بين الأشقاء. 

السؤال اليوم ليس فقط عن غياب الإطار القانوني لمشروع الاتحاد، بل عن استمرار بقايا قلق دفين من " اختلال الأحجام " ، بين دولة كبيرة وخمس دول أصغر منها حجما وثقلا. هذا التفاوت، وإن لم يذكر في الوثائق، يلقي بثقله على القرار، ويخلق فجوة بين شعارات التعاون وحسابات الواقع".

داود الشريان: الخليج بحاجة لحسم لا لهواجس قديمة

وتابع داود الشريان قائلا: "في كل أزمة كبرى مرت بها المنطقة، لم تكن الاختلافات الخليجية مجرد اجتهادات مشروعة، بل كثيرا ما عكست حرصا مفرطا من بعض الدول على ألا تذوب في إرادة الشقيق الأكبر. وهذه ليست ظاهرة جديدة؛ ففي لحظات حاسمة، اتخذت مواقف بالغة الحساسية لم تكن تبرر سوى بالخوف من ضياع الهوية أو السيادة، ولو على حساب المصالح المشتركة. بل إن دولا استنجدت مرارا بالدعم السعودي – أمنيا وسياسيا – حين داهمها الخطر، ثم عادت تتوجس من حجم الدور الذي لعبه الشقيق الأكبر في تلك اللحظة، حتى وإن كان هذا الدور منجدا في نتائجه.

 وفي محطات أخرى، طرحت مبادرات تكاملية طموحة، فقوبلت برفض مفاجئ من أطراف فضلت البقاء داخل حدود التنسيق التقليدي بدلا من القفز إلى مرحلة اتحاد تربك توازناتها السياسية والرمزية".

وأضاف الشريان: "غير أن هذا القلق الموروث – مهما كانت أسبابه التاريخية – لم يعد صالحا ليحكم منطق الشراكة اليوم. فالأخطار لا تصيب الدولة الكبرى وحدها، بل كثيرا ما تبدأ بالصغرى أولا، وما يهدد كيانا واحدا قد يضعف الجبهة كلها. ورغم تكرار القول إن دول الخليج في مركب واحد، لا يزال بعضنا يتعامل مع المركب بروح الاحتياط لا بروح الائتلاف. ولعل ما يغيب عن هذه الحسبة أن المواقف الصلبة في لحظات الخطر الوجودي بنيت غالبا في الرياض، وتحملتها الرياض، لا سعيا للهيمنة، بل إدراكا للمسؤولية التي يفرضها ثقل الجغرافيا والتاريخ والدور السياسي. وحين يقرأ هذا الدور لا كرافعة استقرار بل كعامل تهديد، تصبح الثقة صعبة، ويغدو أي ميثاق قانوني – مهما كان متينا – عرضة للارتياب والتأويل".

واختتم الشريان تغريدته قائلًأ: "لذلك، فإن مقترحا يقدم اليوم تحت عنوان القانون والعدالة، يبدو في هذا التوقيت أشبه بمن يسعى إلى تثبيت مخاوفه بدل أن يتجاوزها، في لحظة حرجة تتطلب تعزيز اللحمة لا تقنين التوجس. فليس في الخليج من يخطط لابتلاع الآخر، لكن هناك من يخشى ذلك لدرجة تعطل المشروع برمته.

الاتحاد الخليجي ليس حلما مؤجلا، بل ضرورة حالية. ولا يمكن بناؤه بالأنظمة القانونية وحدها، بل بثقة صريحة تعترف بالفوارق بين الدول دون أن تخشاها أو تضخمها. 

الحديث عن تفاوت الأحجام ليس دعوة لكبح أحد، ولا مدخلا للهيمنة، بل محاولة واقعية لفهم التوازن المطلوب لبناء مشروع مشترك، يقوم على دور لكل دولة، لا على قلق دائم من دور إحداها".

تم نسخ الرابط