عاجل

من الجار المزعج إلى بطل المدينة .. كيف قلب السيتي الطاولة على يونايتد

قصة ديربي بين العراقة والمال .. من يمثل مدينة مانشستر في زمن الاحتراف

قطبي مانشستر
قطبي مانشستر

في ديربي مانشستر، لا تُطلق صافرة، بل يُشعل فتيل الحرب، هنا لا تُلعب مباراة، بل يُكتب فصل جديد من ملحمة الغضب،الكبرياء، والتاريخ الملطخ بالأهداف والعداوات، لا مكان للرحمة، ولا وقت للتراجع، فكل تمريرة تحمل ثأرًا، وكل تدخل يُشعل جماهيرًا لا تعرف النسيان، المدينة تنقسم كل مرة إلى جبهتين لا تعترفان أبدًا بالتعايش، لأن الديربي ليس مجرد صراع كروي، بل معركة وجود، عنوانها" إما أن تكون السيادة حمراء، أو يغمرها الطوفان الأزرق"


 

بداية الصراع ..كيف وُلد الانقسام


 

بدأت شرارة العداء في أواخر القرن التاسع عشر، عندما التقى نادي Newton Heath "الاسم القديم لمانشستر يونايتد" ، بنادي Ardwick "الاسم السابق لمانشستر سيتي" في أولى المواجهات الكروية عام 1881، ومع الوقت، تحوّل اللقاء إلى ديربي بصبغة رسمية، أولها كان عام 1894، وشهد أول بذور التنافس المحلي حين فاز الشياطين الحمر بخمسة أهداف مقابل هدفين


 

لكن التنافس لم يكن متكافئًا لعقود طويلة، ففي أغلب فترات القرن الماضي، كان اليونايتد الطرف الأقوى، خاصة تحت قيادة المدرب الأسكتلندي القدير  "أليكس فيرجسون"، الذي لم يكن يخفي ازدراءه لجاره، واصفًا إياه في أكثر من مناسبة بـ" الجار المزعج".


 

المال يغير كل شيء


 

حدث التحول الأكبر في موازين القوى، مطلع القرن الحالي، و بالتحديد في عام 2008،، حين استحوذ الإماراتي" الشيخ منصور بن زايد" على مانشستر سيتي، خلال سنوات قليلة، ضخ النادي مليارات الدولارات، وجلب نجوم الصف الأول من اللاعبين و المدربين ، وعلى رأسهم المدير الفني الإسباني الحالي للسيتزن" بيب جوارديولا".


 

التحول الحقيقي للسيتزن


 

تحوّل السيتي من فريق المدينة الثاني، إلى قوة مرعبة، تنافس على كل البطولات محليًا وقاريًا، لتبدأ مرحلة جديدة من الديربي، عنوانها: “من يسيطر على مانشستر"


 

أبرز مواقف العداء التاريخي


 

هدف “دينيس لو” الذي أذل اليونايتد


 

شهد عام 1974 و في مشهد لا يُنسى، سجل نجم مانشستر يونايتد السابق "دينيس لو" هدفًا للسيتي في مرمى فريقه القديم، ليؤدي عمليًا إلى هبوط الشياطين الحمر من الدوري الممتاز، في لقطة لا تزال محفورة في ذاكرة جماهير الفريقين.


 

الفضيحة التاريخية لليونايتد


 

تلقى مانشستر يونايتد أسوأ هزيمة له في تاريخ الديربي، في عام 2011 ، بمعقله " أولد ترافورد""، وأمام جماهيره،عندما سحقه السيتي بنتيجة تاريخية بستة أهداف مقابل هدف واحد،ليكون اللقاء بمثابة إعلان ولادة حقبة جديدة من هيمنة "الجار المزعج"


 

عودة ملحمية لمانشستر يونايتد

في ديربي عام 2018 ، تقدم السيتزن بهدفين نظيفين مبكرًا، وكان على بُعد فوز من حسم لقب الدوري الإنجليزي الممتاز" البريميرليج"، لكن الغريم الأذلي عاد بشكل درامي في الشوط الثاني ليقلب تأخره بهدفين لانتصار مثير بثلاثية ، ويؤجل تتويج السيتزن باللقب ، في مباراة لا تُنسى لهواة القلوب القوية


 

أول نهائي بين الغريمين.. كأس الاتحاد الانجليزي  2023

 

جاء عام 2023 ، ليتواجه الغريمين لأول مرة في التاريخ، في نهائي بطولة كبرى" كأس الإتحاد الإنجليزي، وكان الفوز من نصيب كتيبة جوارديولا بهدفين مقابل هدف واحد، بعد هدف تاريخي من الدولي الألماني "إلكاي جوندوجان" في الدقيقة الأولى من عمر المباراة، ليُسجل كأسرع هدف في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي


 

الكلمة العليا حمراء


 

و تواجه قطبي مانشستر في 195 مباراة، نجح اليونايتد في تحقيق 79 إنتصارًا، مقابل 62 إنتصارًا للسيتزن، بينما فرض التعادل نفسه في 52 مباراة، ليصبح التفوق باللون الأحمر.


 

روني الأكثر تسجيلًا و جيجز الأكثر مشاركة في الديربي


 

النتيجة الأكبر في الديربي كانت للسماوي في مناسبتين، في أعوام 1926 و 2011 ، حينما اكتسح مانشستر سيتي غريمه اليونايتد بستة أهداف مقابل هدف واحد، بينما تصدر الدولي الإنجليزي واين روني قائمة هدافي الديربي بتسجيله 11 هدفًا في شباك السيتزن ، و حل ثانيًا الدولي الأرجنتيني " سيرجيو كون أجويرو" برصيد 9 أهداف ، كما انفرد الدولي الويلزي" ريان جيجز" بأكثر اللاعبين مشاركة في الديربي برصيد 37 مباراة.


 

الصراع داخل و خارج المستطيل الأخضر


 

العداء بين الناديين لا يقتصر على المستطيل الأخضر، هو انعكاس حقيقي لاختلاف فلسفي وثقافي،فاليونايتد يمثل المجد التاريخي، الشعبية الطاغية، و التتويجات العالمية،، بينما السيتي أصبح رمزًا لكرة القدم الحديثة، المعتمدة على الاستثمار الضخم والبناء السريع، و في النهاية كل فريق يرى نفسه "الوجه الحقيقي للمدينة"، والجماهير لا تقبل أنصاف الحلول.

ديربي مختلف لا يشبه غيره

ديربي مانشستر ليس مجرد مواجهة محلية، إنه حرب باردة بين جارين لا يفصل بين ملاعبهما سوى أميال، بينما تفصل بين ثقافتهما الكروية عقود من التنافس، والكبرياء، والانكسارات والانتصارات.


أخيرًا: سواء كنت من أنصار اليونايتد الباحثين عن المجد الضائع، أو من عشاق السيتي المتعطشين للهيمنة، فإن ديربي مانشستر هو الحدث الذي تنتظره القلوب، وتتوقف فيه المدينة، و يكتب فيه التاريخ بصفحات من الاثارة.

تم نسخ الرابط