ذكرى ثورة 30 يونيو.. باحث صوفي يكشف كيف أضحت الإرهابية ملفوظة كمؤسسها| خاص

تحتفي مصر بذكرى ثورة 30 يونيو، وفي إطار الحديث عنها يقول الباحث في الشأن الصوفي مصطفى زايد، إن 30 يونيو أسقطت المشروع السياسي لجماعة الإخوان الإرهابية.
30 يونيو أسقطت المشروع السياسي لجماعة الإخوان الإرهابية
وتابع في تصريحات لـ نيوز رووم: نستعيد لحظة أعمق وأقدم، لكنها لا تقل أثرًا في تشكيل هذا المشروع: لحظة طرد حسن البنا من الطريقة الحصافية الشاذلية، وهي الحادثة التي كانت، في حقيقتها، انفصالًا نفسيًا وروحيًا وفكريًا عن التصوف، وتمهيدًا لميلاد مشروع بديل.
البنا.. كان صوفيًّا ثم تمرد
في بيت تغمره أنوار الذكر، ترعرع حسن البنا. فقد كان والده الشيخ عبد الرحمن البنا من أتباع الطريقة الحصافية، بل من الداعين إلى أورادها والمدافعين عن شيوخها. وكان من الطبيعي أن يتربى الابن على السلوك الصوفي، ويتدرج في مراتبه، كما فعل في شبابه المبكر.
إلا أن البنا بدأ سريعًا في التحول من المريد إلى المعارض، منتقدًا ما اعتبره "جمودًا"، ورافضًا لعزل الصوفية عن قضايا الأمة.
شهادة من مشايخ الطريقة: "رأينا فيه روح المنازعة من أول الطريق"
في إحدى الشهادات النادرة التي وثقها الشيخ عبد العظيم العشماوي، أحد كبار رجال الطريقة الحصافية في أوائل القرن العشرين، يقول:"رأينا في حسن البنا وهو شاب لم يبلغ العشرين، روحًا مشاغبة لا تستسلم لحال، ولا تهدأ في حضرة، وكان كثير السؤال والاعتراض، وذات مرة قال: لماذا لا نتكلم في شؤون الناس ونخرج إلى الحياة؟ فقلنا له: هذا طريق سكينة لا صخب فيه، وإن شئت غيره فسلِّم الخرقة، ففعل."
وتؤكد الرواية أن حسن البنا خرج من الطريقة "مختالًا بمشروعٍ آخر لا يشبهنا"، كما جاء في تعبير أحد كبار المريدين آنذاك.
من الطرد إلى التأسيس
بعد هذه القطيعة، بدأ حسن البنا في بناء مشروعه التنظيمي، مؤسسة على أنقاض علاقته بالتصوف، لا فقط في الشكل، بل في الجوهر.
فأعاد تعريف الروحانية بوصفها "تربية عملية" تُنتج مجاهدًا ومنظمًا لا متصوفًا. ولم يكن تأسيس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 إلا تتويجًا لهذا المسار الحركي الذي بدأ بخلاف صوفي.
كراهية مزدوجة: دينية وسياسية
وتابع: لكن كراهية حسن البنا وجماعته للتصوف لم تكن فقط دينية – بحكم رفض الطقوس أو التوسل أو الموالد – بل كانت سياسية أيضًا.
فقد اعتبر أن وقوف الطرق الصوفية مع الدولة، ومساندتهم للسلطان، نوع من الانبطاح الذي يعوق إقامة "الحكم الإسلامي".
وقد جاء في إحدى رسائل البنا: "إنّ الطرق الصوفية أصبحت حجابًا بين المسلمين وبين حقيقة الإسلام، فقد سكنت حتى خمدت، وسكتت حتى استسلمت."
العداء في ميدان السياسة
بلغت هذه العداوة ذروتها عقب ثورة يناير، حين تحالف الإخوان مع السلفيين ضد الموالد والأضرحة، فاعتُدي على بعضها، وأُطلقت فتاوى الهدم والمنع.
ثم، في 30 يونيو 2013، جاءت الثورة الشعبية التي اصطفّت فيها الطرق الصوفية إلى جوار الدولة المصرية، دفاعًا عن تراثها ومقامات أوليائها، لتغدو خصومة الإخوان للتصوف أكثر وضوحًا وحدة.
واختتم: هكذا نكتشف أن العلاقة بين الإخوان والتصوف لم تبدأ على منابر السياسة، بل في قلب الزاوية، في حلقة الذكر، حيث تمرد تلميذ على شيخه، وانتهى إلى تأسيس جماعة لا ترى في التصوف إلا بدعة وسكونًا.
وفي ذكرى 30 يونيو، نستعيد هذه اللحظة الأولى، لا لنقرأ فيها سيرة فرد، بل لندرك كيف يتحول الخلاف الروحي إلى مشروع سياسي، وكيف تُنسج الكراهية من خيوط الذكر، لتصبح مواجهةً على مستوى وطن.