30 يونيو.. تحول رقمي شامل في القضاء المصري يعزز ثقة المواطنين

تُعد ثقة الشعب المصري في منظومة العدالة المعركة الكبرى التي انتصرت عليها الدولة المصرية في وجه محاولات جماعة الإخوان المسلمين لزعزعة القضاء وتهديد استقلاليته. فقد حاولت الجماعة تنظيم وقفات احتجاجية وترهيب القضاة بهدف كسر هيبة العدالة وفرض رؤيتها وأهواء مرشدها، غير أن إرادة الحق والعدل انتصرت في النهاية، وخاصة بعد نجاح ثورة 30 يونيو المجيدة التي كانت نقطة تحول حاسمة في تاريخ مصر.
بعد الثورة، شهدت منظومة القضاء طفرة نوعية في التطوير والرقمنة، حيث بدأت خطوات واسعة لتحديث إجراءات التقاضي بما يتماشى مع متطلبات العصر. تم تنفيذ التحول الرقمي الشامل داخل المحاكم، وتأسيس منصة مصر الرقمية لخدمة المواطنين في الإجراءات القضائية، إلى جانب إطلاق بوابة وزارة العدل الإلكترونية التي تسمح بحجز الجلسات، دفع الرسوم، واستخراج الشهادات بشكل إلكتروني.
وفي إطار تسهيل إجراءات التقاضي، تم إدخال نظام "التقاضي عن بعد" خاصة في القضايا الاقتصادية، مما عزز من سرعة وجودة العمل القضائي، وخفض من أعباء المواطنين والجهات القضائية على حد سواء.
رقمنة المحاكم والنيابات.. نقلة نوعية
من بين أهم الإنجازات التي تحققت خلال الفترة الماضية، رقمنة أكثر من 90% من المحاكم الابتدائية والاستئناف، وتطوير البنية التحتية فيها، بالإضافة إلى إدخال نظام الأرشفة الإلكترونية. كما تم ربط النيابة العامة إلكترونيًا بمرافق الدولة الحيوية مثل السجل المدني، المرور، الشهر العقاري، وغيرها، ما ساهم في تسريع وتيسير إجراءات التقاضي.
كما أطلقت الدولة مبادرة "عدالة مصر الرقمية"، وهي مبادرة رئاسية لميكنة قطاع العدالة بالكامل، مع تجهيز قاعات المحاكم بأحدث الوسائل التكنولوجية، مثل شاشات العرض لعرض الأدلة والفيديوهات داخل قاعات المحاكم، مما عزز من شفافية وعدالة الإجراءات.
ثورة 30 يونيو.. انطلاقة جديدة لهيبة العدالة
يرى المستشار خالد عبدالعزيز فهمي أن مصر تغيرت إلى الأفضل في كافة المجالات، وخاصة في قطاع العدالة، مؤكدًا أن مصر قبل وبعد 30 يونيو ليستا على ذات المستوى، وأن الإنجازات التي تحققت تعود إلى القيادة الحكيمة للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي قاد الوطن بثقة ورؤية واضحة.
وقال فهمي إن ثورة 30 يونيو لم تكن مجرد حدث سياسي بل كانت انطلاقة لإعادة بناء منظومة العدالة، حيث أصبحت العدالة واقعًا ملموسًا ومؤسسة تحكم بالإرادة الوطنية، مشيرًا إلى أن الثورة دشنت مرحلة جديدة استردت فيها العدالة هيبتها، ووضعت أسس دولة القانون التي لا يُعلو فيها صوت على صوت الدستور، ولا يوجد أحد فوق المساءلة.
ختامًا، تؤكد هذه التطورات أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو القضاء العصري القادر على حماية الحقوق وضمان العدالة لجميع المواطنين، في إطار رؤية وطنية طموحة نحو المستقبل.
وأكد فهمي أن قبل 2013، كانت الملفات الورقية وحدها هي الحاكمة لمسارات القضايا، من الجنائية إلى المدنية، مما تسبب في تأخر الفصل في النزاعات، صعوبة استخراج الأوراق والمستندات، وعدم وجود أرشيف إلكتروني موحد، وغياب الربط بين المحاكم والنيابات أو أقسام الشرطة، وتراجع ثقة بعض المواطنين في كفاءة العدالة.
وأوضح فهمي، أنه لا يمكن إغفال أن ما تحقق في ملف العدالة خلال سنوات ما بعد 30 يونيو، ما كان ليحدث لولا الدعم الشعبي الجارف لتلك الثورة، التي أعادت زمام الأمور إلى يد الشعب، ومنحت مؤسسات الدولة الشرعية الكاملة لإعادة ضبط ميزان العدل، وفقاً لرؤية وطنية خالصة، تضع المواطن المصري في القلب من كل عملية تطوير.
العدالة حجر الزاوية في بناء الجمهورية الجديدة
ومن جانبها، قالت الدكتورة ليلى مقلد المحامية بالنقض، إن العدالة بعد 30 يونيو ليست مجرد تطور إداري أو تقني، بل هي تحوّل فكري شامل نحو دولة تحترم القانون وتقدس الحقوق وتمنح كل ذي حق حقه، مشيرة مقلد إلى إنها بداية لعهد جديد يعلو فيه صوت العدل، ويتراجع فيه الظلم، لتبقى مصر دائماً دولة قانون ومؤسسات، يحكمها العدل ويقودها الحق.
وأضافت مقلد، أن المصلحة الوطنية والهوية الوطنية هما دائمًا علامات الطريق التي تهدى المسيرة والمسار، إن حجم التضحيات الهائلة التي قدمها الشعب وقدمتها مؤسساته الوطنية لا يليق بها إن شاء الله سوى الانتصار.
وأوضحت مقلد أن الانتصار؛ بالمضي بقوة وثقة على طريق التنمية والبناء على طريق تحسين أحوال وحياة الناس وتوفير الظروف المناسبة لتفجير طاقات العمل والإبداع، لدى الشعب المصري بكل أطيافه وفئاته من قطاع خاص ومجتمع مدني وشباب ونساء لتجتمع كل مكونات الوطن في منظومةً متكاملة تقود بلدنا الحبيب نحو تحقيق الحلــم الـذى طـالما راود المصريـيـن حلم التقدم والنهوض بالوطن حلم الجمهورية الجديدة الحديثة المتقدمة في جميع المجالات.
وأشارت مقلد، أن العدالة تحولت في مصر، منذ ثورة 30 يونيو، من عدالة تقليدية مكدسة بالورق، إلى منظومة حديثة تواكب العصر، تحقق الإنصاف بسرعة، وتؤسس لثقة أكبر بين المواطن والدولة، ومن رحم الثورة، وُلدت جمهورية رقمية للعدالة، تتطور يومًا بعد يوم.
ولفتت الدكتورة ليلي مقلد، أن العدالة لم تعد رفاهية أو أداة انتقائية، بل باتت جزءاً لا يتجزأ من مشروع الدولة الوطنية الحديثة، التي تؤمن بأن الأمن لا يكتمل إلا بالعدل، وأن التنمية لا تؤتي ثمارها إلا في ظل منظومة قضائية مستقلة، فعالة، وقادرة على فرض القانون على الجميع دون تفرقة أو استثناء.
ولفتت مقلد أن القضاء شهد بعد 30 يونيو نهضة غير مسبوقة على مستويات عدة، سواء في البنية التشريعية أو البنية التحتية أو التحول الرقمي، فالدولة لم تتوانَ عن توفير كل الإمكانات اللازمة لتطوير منظومة العدالة، بداية من بناء محاكم جديدة وتطوير مقار النيابات، مروراً برقمنة الملفات والإجراءات، وصولاً إلى إطلاق مشروعات عملاقة مثل «العدالة الرقمية» و«التقاضي الإلكتروني»، التي سهّلت على المواطن الوصول إلى حقه دون عناء أو تأخير.
ونوهت أن العدالة ليست فقط في قاعات المحاكم، بل تبدأ من المساواة في الحقوق والواجبات، فقد أولت الدولة اهتماماً كبيراً بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص. وشهدنا صدور قوانين أكثر عدلاً واتزاناً، تستهدف حماية المرأة، وصيانة حقوق الطفل، وضمان حقوق العمال، خاصة العمالة غير المنتظمة التي ظلت لعقود تعاني التهميش، قبل أن تجد من ينصفها ويضعها على أجندة الأولويات الوطنية.
وتابعت مقلد:" برزت مؤسسات وطنية جديدة تُعنى بالعدالة الاجتماعية، والمظالم، والمصالحة، ومكافحة الفساد، ونجحت في تحقيق خطوات ملموسة نحو ترسيخ مفاهيم الشفافية والمحاسبة، هذه المنظومة بأكملها لم تكن لتحقق نجاحاً لولا الإرادة السياسية القوية التي تقودها قيادة وطنية مؤمنة بأن العدالة هي حجر الزاوية في بناء الجمهورية الجديدة".