عاجل

محطات في مشروع قانون الإيجار القديم.. خطوة حاسمة لإنهاء أزمة امتدت لعقود

عقارات قديمة
عقارات قديمة

يستعد مجلس النواب، خلال الجلسات العامة المقبلة، لمناقشة مشروع قانون الإيجار القديم، في خطوة تشريعية تاريخية تهدف إلى معالجة واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا وإثارة للجدل في الساحة القانونية والاجتماعية المصرية، والتي طال انتظار تسويتها.

ويُعد مشروع قانون الإيجار القديم من أهم مشروعات القوانين المتوقع إقرارها خلال الفصل التشريعي الثاني، نظرًا لما يمثله من أهمية قصوى في تصحيح مسار العلاقة بين المالك والمستأجر، خاصة في ظل تجميد القيمة الإيجارية لعقود طويلة، وامتداد العلاقة التعاقدية بين الطرفين بشكل لا يتناسب مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الحالية.

خطوة تشريعية طال انتظارها

لأكثر من نصف قرن، ظلت العلاقة الإيجارية في الوحدات القديمة تخضع لقوانين استثنائية ثبت أنها خلقت حالة من الجمود والخلل، حيث لا يزال العديد من الوحدات السكنية مؤجرة بقيم لا تتجاوز جنيهات قليلة شهريًا، مما شكل عبئًا على الملاك، وأفقد العقارات القديمة قيمتها الاقتصادية، وساهم في انهيار الكثير من المباني السكنية دون القدرة على صيانتها أو إحلالها.

ويحسب للمجلس الحالي تحركه الجاد لمعالجة هذه الأزمة التاريخية، حيث سارعت الحكومة، في بادرة إيجابية، إلى إرسال مشروع قانون متكامل لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، بما يضمن تحقيق التوازن، ويحافظ على السلم الاجتماعي.

تشكيل لجنة برلمانية مشتركة وجلسات حوار مجتمعي موسعة

فور وصول مشروع القانون إلى مجلس، أصدر المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، قرارًا بتشكيل لجنة برلمانية مشتركة من لجنة الإسكان والإدارة المحلية، ومكتب لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، لتولي مناقشة مشروع القانون من حيث المبدأ.

وقد شرعت اللجنة في عقد سلسلة من جلسات الحوار المجتمعي الموسعة، تجاوزت ثماني جلسات رسمية، بمشاركة واسعة من كافة الأطراف المعنية بالقضية، وعلى رأسهم وزيري التنمية المحلية والإسكان، والمستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، والذي حضر جميع جلسات اللجنة ممثلًا عن الحكومة، وساهم في توضيح رؤية الدولة واستراتيجيتها في معالجة هذه الإشكالية.

كما استمعت اللجنة إلى عدد من الخبراء القانونيين وأساتذة الجامعات وممثلي الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى جانب ممثلين عن ملاك العقارات القديمة والمستأجرين والنقابات المهنية ذات الصلة، وذلك بهدف الوصول إلى صيغة عادلة ومتوازنة تلقى قبولًا من الطرفين.

استجابة الحكومة لتوصيات الحوار المجتمعي

بناءً على نتائج المناقشات والملاحظات التي طُرحت خلال جلسات الاستماع، رأت الحكومة ضرورة إدخال عدد من التعديلات الجوهرية على مشروع القانون، لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية على حد سواء.

وقد أعادت الحكومة إرسال نسخة معدلة من مشروع القانون إلى البرلمان، الذي بدوره أحاله إلى اللجنة المختصة ذاتها لاستكمال المناقشات، والتي انتهت بالفعل من مراجعة المشروع وأعلنت الموافقة عليه تمهيدًا لعرضه على الجلسة العامة.

مواد القانون المثيرة للجدل... والحسم المنتظر

لاقى مشروع القانون بصيغته المعدلة استحسانًا من عدد من القوى السياسية والبرلمانية، بعد أن تضمن معالجة نقاط شائكة كانت محل خلاف كبير، أبرزها:

المادة الثانية: والتي تنص على آلية زيادة القيمة الإيجارية تدريجيًا خلال فترة انتقالية تُمنح للطرفين لتوفيق أوضاعهما.

المادة الخامسة: التي تنظم إجراءات إخلاء الوحدة السكنية في حالات محددة، وتحرير العلاقة التعاقدية بين الطرفين بعد انقضاء الفترة الانتقالية.

المادة السابعة: والتي تلزم الحكومة بتوفير بدائل سكنية في مشروعات الإسكان الاجتماعي للفئات غير القادرة من المستأجرين، لضمان عدم تعرض أي أسرة للتشرد.

وتُعد هذه المواد الثلاث من بين أكثر النقاط إثارة للنقاش، إلا أن تضمينها في المشروع بصيغة توازن بين الحقوق والواجبات، ساعد على تقريب وجهات النظر بين الملاك والمستأجرين، ومهد الطريق أمام التوافق السياسي والبرلماني على القانون.

انتظار الجلسة العامة والحسم التشريعي

من المنتظر أن يُدرج مشروع القانون على جدول أعمال الجلسة العامة لمجلس النواب خلال الجلسات العامة المقبلة، تمهيدًا لمناقشته والتصويت عليه، ليصبح قانونًا نافذًا بعد نشره في الجريدة الرسمية.

ويرى عدد من أعضاء مجلس النواب، أن إقرار القانون سيمثل نقطة تحول في ملف الإسكان والإيجارات في مصر، وسيسهم في تنشيط السوق العقاري، ويشجع على استثمار الملاك في ترميم وصيانة وحداتهم، إلى جانب تحقيق قدر أكبر من العدالة الاجتماعية للفئات غير القادرة.

وفي حال تمريره، من المتوقع أن يبدأ تنفيذ أحكامه تدريجيًا، مع فترة انتقالية تتيح للأطراف المعنية التكيف مع الأحكام الجديدة دون إضرار أو إخلال.

تم نسخ الرابط