عاجل

بعد انتهاء الحرب.. الاضطراب الجوي لا يزال مستمرًا

الطيران العالمي
الطيران العالمي

أثّر التصعيد الأخير للحرب في الشرق الأوسط بشكل كبير ومباشر على السفر الجوي الدولي، خاصةً بين أوروبا وآسيا، فمع إغلاق إيران وإسرائيل والعراق لمجالها الجوي أمام الطيران التجاري، اضطرت شركات الطيران إلى تغيير مساراتها المعتادة، مما أدى إلى إطالة أوقات الرحلات، وزيادة التكاليف المالية، وصعوبات لوجستية.

تقلص السماء: من ثلاثة ممرات إلى ممرين جويين

وفقًا لخبير السفر جريج ديكنسون، انخفض عدد الممرات الجوية المتاحة بين أوروبا وآسيا من ثلاثة إلى ممرين فقط منذ بدء الأعمال العدائية، فبعد أن كانت شركات الطيران تستخدم المجال الجوي لإيران أو العراق أو إسرائيل، أصبحت الرحلات الآن مجبرة على سلوك أحد المسارين التاليين:

  • مسار شمالي: يمر عبر البحر الأسود.
  • مسار جنوبي: يمر عبر مصر والمملكة العربية السعودية.

وأوضح الطيار برايان سميث أن "المسارات التي تمر عبر المناطق المغلقة ستصبح مزدحمة للغاية في بعض الأحيان، مما يؤدي إلى تأخير في المغادرة". يضيف هذا الازدحام، بالإضافة إلى طول المسافات، إلى تأخيرات وزيادة في تكاليف الوقود لشركات الطيران، ومن المتوقع أن يُحمّل هذا العبء على المسافرين من خلال ارتفاع أسعار التذاكر.

التأثير المباشر: رحلات أطول وتكاليف أعلى

ازدادت أوقات الرحلات بشكل ملحوظ على العديد من المسارات:

  • لندن-دلهي (طيران الهند): كانت تستغرق سابقًا 9 ساعات و11 دقيقة عبر المجال الجوي الإيراني. أما المسار الجديد عبر المملكة العربية السعودية ومصر، فيستغرق الآن من 9 ساعات و45 دقيقة إلى أكثر من 10 ساعات.
  • لندن-دبي (طيران الإمارات): يُضيف إغلاق المجال الجوي العراقي حوالي 45 دقيقة إلى متوسط مدة الرحلة، حيث تُحوّل الطائرات فوق البحر الأبيض المتوسط ومصر والأردن والمملكة العربية السعودية.
  • موسكو-الدوحة (الخطوط الجوية القطرية): مع إغلاق المجال الجوي الإيراني والأوكراني، يضطر الطيارون الآن إلى الطيران شمالًا عبر أوروبا الشرقية، ثم جنوبًا فوق البحر الأبيض المتوسط ومصر والمملكة العربية السعودية، وهو تحويل استثنائي مقارنةً بالمسار المباشر الأصلي عبر بحر قزوين وإيران.
  • تبليسي – دبي (فلاي دبي): كانت هذه الرحلة تستغرق ساعتين و46 دقيقة فقط عبر أرمينيا وإيران، لكنها الآن تنحرف شرقًا فوق بحر قزوين، وتركمانستان، وطاجيكستان، وأفغانستان، وباكستان، وتستغرق غالبًا قرابة 5 ساعات أو أكثر – أي أكثر من ضعف المدة الأصلية.
  • إسطنبول – أبوظبي (الاتحاد): مع إغلاق المجال الجوي العراقي بسبب العمليات العسكرية، تتجه الرحلة الآن فوق القاهرة والمملكة العربية السعودية، مما يزيد مدة السفر إلى 50 دقيقة.

إغلاق المجال الجوي بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة

أصدرت هيئات الطيران الدولية تحذيرات جديدة بحظر الطيران في المناطق المتضررة. وتشمل المخاطر احتمال إطلاق نيران مضادة للطائرات، وخطأ في تحديد هوية طائرات الركاب، وتصاعد النشاط العسكري. على سبيل المثال، قبل التصعيد الأخير، استمرت شركة طيران الهند في استخدام المجال الجوي الإيراني، لكن المخاوف بشأن المخاطر العسكرية دفعت شركات الطيران إلى البحث عن بدائل أكثر أمانًا، وإن كانت أطول.

حذرت منظمة OpsGroup، وهي منظمة دولية لسلامة الطيران، من تداخل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في شمال العراق، والذي كاد أن يدفع طائرة تجارية إلى دخول المجال الجوي الإيراني مؤخرًا، مما يبرز المخاطر التي تسعى شركات الطيران جاهدة لتجنبها.

العواقب الاقتصادية واللوجستية

تواجه شركات الطيران الآن تكاليف وقود إضافية تُقدر بآلاف الجنيهات الإسترلينية لكل رحلة طويلة. ولا يقتصر تأثير تجنب إغلاق المجال الجوي على زيادة أوقات الرحلات فحسب، بل يسبب أيضًا ازدحامًا في الممرات المتبقية، مما يفاقم التأخيرات والتحديات التشغيلية. ومن المتوقع أن تؤدي هذه الضغوط إلى ارتفاع أسعار التذاكر في الأشهر المقبلة.

عصر جديد من اضطراب السفر الجوي

لا يمثل الصراع الدائر في الشرق الأوسط مشكلة إقليمية فحسب؛ بل يعيد تشكيل السفر الجوي العالمي. فمع إغلاق المجالات الجوية الرئيسية وإجبار شركات الطيران على اللجوء إلى طرق بديلة طويلة ومكلفة، تتأثر شركات الطيران والطاقم والركاب على حد سواء في جميع أنحاء العالم، مع استمرار الحرب في تحديد شكل السماء، تُترك شركات الطيران والمسافرون في عالم أكثر تعقيدًا وتقلبًا.

تم نسخ الرابط