عاجل

كيف كان النبي محمد ﷺ يتعامل مع غير المسلمين؟ العلماء يوضحون

تعامل النبي
تعامل النبي

 رغم ما شهده عصر النبي محمد ﷺ من صراعات دينية وقبلية، ظلّ تعامله مع غير المسلمين نموذجًا فريدًا في الرحمة والعدل والتسامح. فقد جسّد النبي قيم الإسلام العليا في تعامله مع أهل الديانات الأخرى، فلم يكن التعايش مجرد شعار، بل ممارسة فعلية تجلّت في أقواله وأفعاله، حتى مع من خالفه في العقيدة أو عاداه في الموقف.

كيف كان يتعامل النبي مع غير المسلمين؟ 


كان النبي ﷺ يتعامل مع غير المسلمين من منطلق إنساني وأخلاقي، يَعدل ولا يظلم، يُحسن ولا يُسيء، ويَفي بالعهود ولا يغدر. ويؤكد القرآن هذا النهج في قوله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ [الممتحنة: 8].


ومن أشهر مواقفه ﷺ، حين زاره وفد نصارى نجران في المسجد النبوي، أكرمهم وأحسن وفادتهم، وترك لهم حرية أداء صلاتهم في مسجده، في مشهد يجسد احترامه لحرية المعتقد. كما كان له جيران يهود، أحدهم كان يؤذيه بشكل مستمر، فلما غاب، زاره النبي بنفسه ليطمئن عليه، فدهش الرجل من هذا الخلق النبوي وأسلم في الحال.


وفي موقف آخر، اقترض النبي ﷺ مالًا من يهودي يُدعى زيد بن سعنة، فجاءه يومًا يطالبه بسوء خلق، فأمسكه من ثوبه وخاطبه بفظاظة، فغضب الصحابة، لكن النبي ﷺ قال لهم: “دعوه، فإن لصاحب الحق مقالًا”، ثم أمر برد المال وزيادة عليه، تأليفًا لقلب الرجل. فما كان من هذا اليهودي إلا أن أعلن إسلامه، وقال: “ما جئت لأطالبك، إنما جئت أختبر صفات النبوة التي قرأتها في التوراة”.


كما عقد النبي ﷺ في المدينة أول وثيقة دستورية تُنظم التعايش بين المسلمين واليهود وغيرهم، عُرفت باسم “صحيفة المدينة”، وأرست مبادئ المواطنة والعدل، وحفظت للجميع حقوقهم دون تمييز ديني، في سابقة تاريخية سبقت كل المواثيق الدولية الحديثة.


ولم تكن هذه المعاملة خاصة بمن يُظهرون السلم، بل حتى في ساحات القتال، كان النبي ﷺ يوصي أصحابه بعدم قتل النساء ولا الأطفال ولا الرهبان، ولا قطع الأشجار أو تخريب الزرع، في احترام تام للإنسانية، حتى في لحظات الحرب.

كما استأمنه المشركون على أموالهم، رغم خلافهم الديني معه، لأنه كان يُلقب بـ”الصادق الأمين”، وبقيت عنده ودائعهم حتى لحظة الهجرة، وكلف علي بن أبي طالب بردّها لأصحابها. وهذا دليل على أن حتى أعداءه وثقوا في أمانته.


وقد أكد علماء الأزهر الشريف ودار الإفتاء أن سيرة النبي في التعامل مع غير المسلمين ليست مجاملة مرحلية، بل جزء أصيل من تعاليم الإسلام، تُظهر الرحمة قبل الشدة، والعدل قبل القوة.

إنّ تعامل النبي ﷺ مع غير المسلمين هو دعوة مفتوحة للحوار والتعايش والاحترام المتبادل، تُبرز جوهر الإسلام الحقيقي، وتؤكد أن الإنسانية فوق كل اختلاف

تم نسخ الرابط