عاجل

علي جمعة: النبي قدّم نموذجًا راقيًا للتعامل مع الكراهية والاضطهاد دون عنف

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن النبي محمد ﷺ، خلال إقامته في مكة، قدّم درسًا عمليًا خالدًا في كيفية تعامل المسلم مع بيئة ترفضه وتعاديه، دون أن يلجأ إلى العنف أو الصدام، بل بالثبات والحكمة والرحمة.

وفي حديثه خلال حلقة خاصة بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية، عبر شاشة قناة "الناس" اليوم الأحد، أوضح علي جمعة أن النبي ﷺ عاش وسط قوم لا يشاركونه العقيدة، بل يعادونه ويؤذونه، لكنه لم يردّ على ذلك بتأسيس تنظيمات سرية أو انتقامية، بل اختار طريق التبليغ السلمي والهجرة المنظمة.

أقلية بين الأكثرية

وأشار علي جمعة إلى أن دروس السيرة النبوية لا تزال ماثلة أمامنا، خاصة في عالم اليوم الذي يعيش فيه المسلمون كأقلية وسط غالبية غير مسلمة، قائلاً: "حاليًا هناك نحو 2 مليار مسلم، أي ما يعادل ربع سكان الأرض، في مقابل أكثر من 6 مليارات غير مسلمين، بعضهم لا يعرف الإسلام، وبعضهم يجهله أو يعاديه، بل هناك من يسيء لنبينا ويحرق المصحف علنًا".

وأكد علي جمعة أن هذه الكراهية تجاه الإسلام ليست أمرًا جديدًا، بل هو امتداد لما واجهه النبي ﷺ في بداية دعوته، مضيفًا: "الرسول في مكة لم يواجه الكراهية بالتنظيمات المسلحة، بل بالصبر والعقل، وعلّم أصحابه أن النصر الحقيقي لا يكون بالرد الغاضب، وإنما بالتزام القيم والرحمة والدعوة بالحكمة".

الحل في التوسع لا في التصادم

وضرب علي جمعة مثالًا على تعامل النبي ﷺ مع تصاعد الاضطهاد في مكة، فقال: "عندما اشتد الأذى، لم يأمر أصحابه بالقتال أو إنشاء جماعات سرية، رغم قدرتهم، بل قال لهم: اذهبوا إلى الحبشة، فكانت الهجرة الأولى في تاريخ الإسلام".

وأضاف علي جمعة: "حتى سيدنا أبو بكر الصديق، وكان من كبار وجهاء مكة وأغنيائها، لم يحتمل الإهانة التي يتعرض لها المسلمون، فقرر أن يهاجر بنفسه إلى الحبشة، وهو نموذج راقٍ لما يمكن أن تفعله القيادة النبوية في مواجهة الظلم دون سفك دماء أو خلق فوضى".

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

دعوة إلى الاقتداء بالمنهج النبوي 

واختتم علي جمعة حديثه بالتأكيد على أهمية دراسة الهجرة النبوية باعتبارها مشروعًا حضاريًا يُعلّم المسلمين كيف يكون الانضباط والسعي للإصلاح دون الخروج على القانون أو الانجرار خلف الاستفزازات.

وأوضح علي جمعة أن الهجرة لم تكن هروبًا من الواقع، بل كانت انتقالًا إلى فضاء أرحب لنشر رسالة الإسلام، داعيًا إلى أن يستلهم المسلمون المعاصرون من سيرة النبي ﷺ الصبر والبصيرة في التعامل مع حملات الكراهية والتشويه، دون انفعال أو تطرف.

تم نسخ الرابط