الشراء بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي لشراء السلع بالآجل

مع تزايد التعاملات المالية وتنوّع وسائل الشراء في العصر الحديث، أصبح الشراء بنظام “الآجل” أو ما يُعرف بالتقسيط من أبرز الأساليب التجارية المنتشرة، سواء في المعاملات الفردية أو المؤسسية. وتكثر التساؤلات بين المواطنين حول مشروعية هذا النوع من البيع، وما إذا كان يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، لا سيما في ظل ارتباط بعض الأنظمة بالأرباح أو الزيادات المالية.
وفي هذا السياق، أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى رسمية تجيب فيها عن حكم الشراء بالآجل، وتوضح الضوابط التي يجب مراعاتها حتى يكون هذا التعامل المالي مشروعًا ولا يدخل في نطاق الربا المحرّم شرعًا.
الأصل في الشراء بالآجل الجواز
أكدت دار الإفتاء أن الشراء بالآجل، أو البيع بالتقسيط، جائز شرعًا ما دام تمّ الاتفاق على الثمن النهائي في وقت التعاقد، وكان معلومًا للطرفين دون وجود جهالة أو غموض. واستشهدت الدار في فتواها بحديث النبي ﷺ: “من باع نسيئة فليُسَمِّ الثمنين جميعًا”، مشيرة إلى أن تحديد الثمن مسبقًا – سواء كان نقدًا أو بالتقسيط – يجعل العقد صحيحًا ولا حرج فيه.
وبينت الفتوى أن التعامل بالآجل قد يكون فيه زيادة عن السعر النقدي، كأن تُباع سلعة بسعر 10,000 جنيه نقدًا، وبـ12,000 جنيه بالتقسيط على سنة، وهذا لا يُعد من الربا، لأن الزيادة مشروطة ومعروفة من البداية، وتدخل ضمن مفهوم “البيع المباح”.
متى يكون البيع الآجل محرّمًا؟
أوضحت دار الإفتاء أن البيع بالتقسيط قد يصبح غير جائز شرعًا في حالات معينة، منها:
- إذا لم يكن الثمن محددًا عند العقد: كأن يُترك تحديد السعر بحسب الظروف أو الزمن.
- إذا اشترط البائع غرامة مالية عند تأخر السداد: وهذا من الربا المحرّم بالإجماع.
- إذا ترتّب على العقد ضرر واضح بأحد الطرفين بسبب الغموض أو الاستغلال.
كما شددت على ضرورة أن تكون الأقساط ومواعيدها محددة وواضحة في العقد، تفاديًا للنزاعات أو الوقوع في المعاملات الربوية.
آراء العلماء المعاصرين
في تصريحات متطابقة لعلماء من الأزهر الشريف وهيئة كبار العلماء، أكدوا أن الشراء بالآجل جائز من حيث الأصل، بشرط التزام الشفافية والعدل بين الطرفين. وقال الدكتور محمد عبدالسميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن:
“البيع بالتقسيط حلال، ويجوز شرعًا، ما دام الطرفان اتفقا على السعر قبل إتمام العقد، ولا توجد فيه فائدة إضافية غير منصوص عليها أو اشتراطات مجحفة”.
وفي ختام بيانها، دعت دار الإفتاء المسلمين إلى توخي الحذر في العقود، وقراءة التفاصيل جيدًا، واستشارة المتخصصين في حال وجود غموض أو شبهة.