هل الصيام المتقطع فعّال حقًا لفقدان الوزن؟ دراسة علمية تضع النقاط على الحروف

في ظل الانتشار الواسع لحمية الصيام المتقطع حول العالم، وتهافت المشاهير والمؤثرين على اعتمادها كأسلوب لحياة صحية وفقدان الوزن، خرجت دراسة طبية حديثة لتضع الأمور في نصابها العلمي الصحيح. فقد كشفت نتائج دراسة نُشرت في المجلة الطبية البريطانية BMJ أن الصيام المتقطع، على الرغم من شهرته الكبيرة، لا يقدم فوائد تفوق الأنظمة الغذائية التقليدية التي تعتمد على تقليل السعرات الحرارية.
تحليل شامل لـ99 تجربة سريرية: الصورة ليست كما تبدو
اعتمد الباحثون في هذه الدراسة على تحليل بيانات من 99 تجربة سريرية عشوائية شارك فيها 6,582 بالغًا، بمتوسط أعمار بلغ 45 عامًا، وهدفت الدراسة إلى مقارنة نتائج الصيام المتقطع بجميع أنواعه مع الأنظمة الغذائية التي تقلل من السعرات الحرارية بشكل مستمر، سواء من حيث فقدان الوزن أو تحسين المؤشرات الصحية مثل مستويات السكر في الدم والكوليسترول.
الأنماط الثلاثة الأبرز للصيام المتقطع
ركزت الدراسة على ثلاثة أنماط رئيسية من الصيام المتقطع، هي:
الصيام الزمني (Time-restricted eating): حيث يُسمح بتناول الطعام خلال فترة محدودة في اليوم، مثل 8 ساعات فقط يوميًا.
نظام 5:2: الذي يسمح بتناول الطعام بشكل طبيعي في خمسة أيام أسبوعيًا، مقابل تقليل السعرات بشكل كبير في اليومين الآخرين.
الصيام بالتناوب (Alternate-day fasting): وهو الامتناع عن تناول الطعام يومًا بعد يوم، أو تقليله إلى حد كبير في أيام محددة بالتناوب.
لا تفوق يُذكر على الحميات التقليدية
أظهرت نتائج الدراسة أن الصيام بالتناوب حقق أفضل نتيجة نسبية من بين الأنماط الثلاثة، حيث أدى إلى فقدان 1.29 كيلوجرامًا فقط مقارنة بالحميات التقليدية، إلا أن هذا الرقم، بحسب المعايير الطبية، يُعد أقل من الحد الأدنى المطلوب لاعتباره فارقًا سريريًا مهمًا، والذي يقدّر بفقدان 2 كيلوجرام على الأقل. ما يعني أن التأثير، وإن وُجد، فهو طفيف وغير كافٍ طبيًا.
أما بالنسبة لنمط الصيام الزمني، فقد ارتبط بارتفاع طفيف في مستويات الكوليسترول الكلي، دون تحقيق أي تحسن ملحوظ في معدلات السكر في الدم أو الكوليسترول الجيد (HDL)، مما يطرح تساؤلات إضافية حول فوائده الفعلية.
"الصيام المتقطع ليس سحرًا"
علّق البروفيسور نافيد ستار، أستاذ الطب القلبي الأيضي بجامعة غلاسكو، على نتائج الدراسة قائلًا: "لا يوجد ما هو سحري في الصيام المتقطع. إنه ببساطة طريقة مختلفة لتقليل السعرات الحرارية. التحدي الحقيقي هو: هل يستطيع الناس الاستمرار عليه لفترة طويلة؟"
من جانبها، أكدت الدكتورة أماندا أفيري، أستاذة التغذية في جامعة نوتنغهام، أن الدراسة تمثل نقطة فاصلة في النقاش الدائر حول فعالية هذه الحمية، مضيفة: "لا بأس باتباع الصيام المتقطع طالما أن النظام الغذائي ككل متوازن ومتكامل."
لماذا يستمر الصيام المتقطع في جذب الانتباه؟
ورغم هذه النتائج المحدودة، لا يزال الصيام المتقطع يحظى بانتشار واسع، خاصة بين المشاهير الذين ساهموا في الترويج له على مدى العقد الماضي، ومن بينهم جينيفر أنيستون، كورتني كارداشيان، وكريس برات، ما جعله يتصدر قوائم الحميات العصرية الأكثر تداولًا على الإنترنت.
تحذيرات طبية من آثار جانبية محتملة
لكن في المقابل، تشير دراسات سابقة إلى أن الصيام المتقطع قد يرتبط بمخاطر صحية محتملة تشمل:
- زيادة خطر أمراض القلب
- ارتفاع احتمالية الإصابة بالسكري من النوع الثاني
- الوفاة المبكرة في بعض الحالات
ويُكتسب هذا الجدل أهمية خاصة في المملكة المتحدة، حيث يعاني أكثر من ثلثي البالغين من الوزن الزائد أو السمنة، بينما سجلت حالات الإصابة بالسكري من النوع الثاني بين من تقل أعمارهم عن 40 عامًا ارتفاعًا بنسبة 39% خلال الأعوام الأخيرة.
الصيام المتقطع ليس "الوصفة السحرية" التي يروج لها البعض، بل هو مجرد خيار غذائي بين خيارات متعددة. ورغم فوائده المؤقتة لبعض الأشخاص، فإن فعاليته لا تتجاوز الأنظمة الغذائية التقليدية في معظم الحالات. ومع ازدياد انتشار السمنة والأمراض المزمنة، تبقى الاستمرارية والتوازن الغذائي هما الأساس الحقيقي لأي حمية ناجحة.