عاجل

فقدان الشهية.. متى يصبح ناقوس خطر يستدعي التدخل الطبي؟

اضطراب فقدان الشهية
اضطراب فقدان الشهية العصبي

في عالمنا الحديث، باتت العلاقة مع الطعام معقدة أكثر من أي وقت مضى، إذ لم يعد الأمر مجرد تلبية لاحتياجات الجسد، بل أصبح مرآة لحالة الإنسان النفسية والعاطفية، ورغم أن بعض الأشخاص يتبعون أنظمة غذائية بهدف فقدان الشهية أو تحسين الصحة، إلا أن فقدان الشهية قد يتجاوز هذه النوايا ليدخل منطقة خطرة، حيث يتحوّل من سلوك غذائي إلى اضطراب نفسي وجسدي حاد، قد يهدد الحياة.

في هذا التقرير، نلقي الضوء على اضطراب فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa)، أحد أخطر اضطرابات الأكل، من حيث الأسباب، والعوامل المؤثرة، والأعراض، وأساليب التشخيص والعلاج، وذلك استنادًا إلى معلومات طبية موثوقة من موقع hopkinsmedicine.

ما هو اضطراب فقدان الشهية العصبي؟

هو حالة مرضية تجعل المصاب بها يمتنع عن تناول الطعام أو يُقلل كميته بشكل مفرط، خوفًا من اكتساب الوزن، رغم أنه قد يكون أصلًا نحيفًا أو حتى يعاني من سوء التغذية.
غالبًا ما يبدأ هذا الاضطراب برغبة بريئة في اتباع حمية غذائية، لكن مع مرور الوقت، ينقلب إلى حالة من التقييد القاسي والرفض المستمر للطعام، نتيجة تشوه في صورة الجسم.

الأنواع الفرعية لفقدان الشهية العصبي

النوع المُقيّد (Restrictive Type): في هذا النوع، يُبالغ المصاب في تقليل كمية الطعام المتناول، خاصة الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات أو الدهون، ويرفض تناول أي شيء يعتقد أنه قد يزيد وزنه.

النوع التطهيري (Binge-eating/Purging Type): ويتضمن نوبات من الإفراط في تناول الطعام (الشره)، يعقبها شعور بالذنب يدفع الشخص إلى التقيؤ المتعمد، أو استخدام الملينات ومدرات البول بكثافة لتطهير الجسم من الطعام.

من هم الأكثر عرضة للإصابة؟

تشير الدراسات إلى أن اضطراب فقدان الشهية لا يحدث بسبب عامل واحد، بل نتيجة تفاعل عوامل وراثية، نفسية، وسلوكية، واجتماعية.
وتزداد احتمالية الإصابة في الحالات التالية:

  • وجود تاريخ عائلي لاضطرابات الأكل أو الاكتئاب أو مشاكل الوزن
  • التعرض لضغوط اجتماعية أو عائلية تتعلق بالمظهر أو الوزن

ممارسة رياضات أو أنشطة تُركّز على شكل الجسم مثل

  • الجمباز
  • الباليه
  • كمال الأجسام
  • التزلج
  • المصارعة
  • عروض الأزياء
  • الفروسية

أعراض فقدان الشهية

تتعدد الأعراض، وتتوزع بين علامات جسدية وسلوكيات غذائية واضطرابات عاطفية، نذكر منها:

  • صورة مشوهة عن شكل الجسم
  • انخفاض ملحوظ وغير مبرر في الوزن
  • خوف مرضي من السمنة
  • هوس بإعداد الطعام دون تناوله
  • سلوكيات أكل غير معتادة أو قهرية
  • إنكار الشعور بالجوع
  • ممارسة التمارين الرياضية بشكل مفرط

أعراض جسدية

  • سوء تغذية وفقدان للفيتامينات والمعادن
  • جفاف شديد وفقدان سوائل
  • إرهاق عام وخمول
  • آلام وانتفاخات في المعدة
  • إمساك
  • نحافة شديدة
  • عدم تحمل درجات الحرارة الباردة
  • شعر ناعم ينمو على الجسم (زغب)
  • هشاشة في الأظافر وتساقط الشعر
  • عقم أو اضطرابات في الدورة الشهرية
  • اصفرار أو جفاف في البشرة

أعراض عاطفية ونفسية:

  • الانعزال عن المجتمع والأسرة
  • تقلبات مزاجية حادة

كيف يُشخَّص اضطراب فقدان الشهية؟

غالبًا ما يُحاول المصابون إخفاء مشكلتهم، لذا قد لا يُكتشف الأمر في البداية.
لكن مع تطور الحالة، يلاحظ الأهل أو الأصدقاء أو المعلمون سلوكيات غير طبيعية، مثل فقدان الوزن المفرط، أو رفض الطعام، أو الإفراط في التمارين.

يُشخص المرض من قبل مختص نفسي أو طبيب تغذية، وقد يشمل التشخيص:

  • تقييم الحالة الصحية العامة
  • مراجعة التاريخ الغذائي والسلوكي
  • اختبارات للدم ونسبة المعادن
  • فحص سلوكيات الأكل والصورة الذاتية

متى يستدعي فقدان الشهية تدخلاً عاجلًا؟

إذا ظهرت الأعراض التالية، يجب التوجه الفوري للمساعدة الطبية:

  • فقدان وزن شديد خلال فترة قصيرة
  • ضعف عام ودوار مستمر
  • توقف الدورة الشهرية
  • انسحاب اجتماعي
  • التقيؤ بعد الأكل بشكل متكرر
  • استخدام مفرط للملينات أو مدرات البول
  • رفض الطعام أو الهوس بأشياء تتعلق به (مثل الوزن أو السعرات)

كيف يُعالج فقدان الشهية؟

العلاج غالبًا ما يكون متعدد الجوانب، ويعتمد على درجة خطورة الحالة، وعمر المصاب، واستجابته النفسية.
ويشمل:

  • الرعاية الطبية الطارئة: في حال وجود مضاعفات جسدية خطيرة، قد يُنقل المريض إلى المستشفى لضبط التغذية والسوائل.
  • العلاج النفسي: أحد أبرز الخطوات، ويهدف إلى التعامل مع الأسباب العاطفية والسلوكية للاضطراب، ويشمل:
  • العلاج السلوكي المعرفي (CBT)
  • جلسات علاج فردية أو جماعية
  • العلاج العائلي


الإرشاد الغذائي

تعليم المريض كيفية تناول طعام متوازن، واستعادة علاقة صحية مع الأكل، وتحديد أهداف واقعية للوزن.

الأدوية

في بعض الحالات، يمكن استخدام مضادات الاكتئاب أو مضادات القلق، لمساعدة المريض على التحكم في الأعراض النفسية المصاحبة.


لا تستخف بفقدان الشهية 

في كثير من الأحيان، لا يكون فقدان الشهية مجرد "رجيم قاسٍ"، بل هو رسالة من الجسد والعقل بأن هناك خللًا داخليًا يحتاج إلى الرعاية.
كل شخص يستحق أن يتصالح مع جسده، ويمنحه الحب والرعاية بدلاً من القسوة والحرمان.

فإذا لاحظت على نفسك أو على من تحب علامات هذا الاضطراب، لا تتردد في طلب المساعدة. فالتدخل المبكر يمكن أن يصنع فرقًا كبيرًا في رحلة التعافي.

تم نسخ الرابط