عاجل

هل يحق للأب أن يقاطع ابنه؟.. علماء الأزهر والإفتاء يوضحون

الآباء والأبناء
الآباء والأبناء

تُعد العلاقة بين الآباء والأبناء من أقدس العلاقات التي أرساها الإسلام، وبنى عليها أحكامًا تقوم على البرّ والإحسان والتراحم المتبادل. ورغم وضوح الكثير من هذه الأحكام، فإن البعض قد يتساءل عن جواز مقاطعة الأب لابنه بسبب سلوك أو موقف معين، خاصة مع تكرار حالات الخلاف داخل الأسر، والتي تصل أحيانًا إلى حد القطيعة التامة بين الطرفين.

الأصل في العلاقة بين الآباء والأبناء هو الرحمة والصلة

وفي هذا السياق، أكدت دار الإفتاء المصرية أن الأصل في العلاقة بين الآباء والأبناء هو الرحمة والصلة، لا القطيعة والهجر، موضحة أن مقاطعة الأب لابنه لا تجوز شرعًا إلا إذا كانت مؤقتة، وتهدف إلى الإصلاح، وليست انتقامًا أو تعنتًا.

وأوضحت الدار عبر فتوى منشورة على موقعها الرسمي، أن الهجر شرعًا قد يُستخدم كوسيلة تأديبية في حالات نادرة، بشرط أن يكون في أضيق الحدود، وأن يكون الهدف منه ردع السلوك الخاطئ وتقويم الابن، وليس إذلاله أو التشفي منه.

واستشهدت الإفتاء بحديث النبي ﷺ:
“لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيُعرض هذا ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام” [رواه البخاري ومسلم]، مشيرة إلى أن هذا الحكم يشمل كل المسلمين، فكيف إذا كان المهجور هو الابن؟!

من جانبه، أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن الهجر بين الأقارب محرم إذا تجاوز ثلاثة أيام، وأن الأب مسؤول شرعًا عن الإصلاح والصبر على الأبناء، لا عن مقاطعتهم. وأضاف:

“إذا كان الولد عاقًا، فليس الهجر هو الحل، بل يُستدعى النُصح، والدعاء له، وربما يُتخذ موقف تربوي مؤقت، لكن القطيعة الدائمة لا يقرها الشرع، بل قد تدخل في باب الظلم”.

كما أشار إلى أن بعض الآباء يُقاطعون أبناءهم لأسباب تتعلق بالزواج أو العمل أو حتى اختلاف الآراء، وهذا في حقيقته لا يبرر الهجر، بل قد يدخل في باب القطيعة المحرّمة التي تُسأل عنها يوم القيامة.

وفي السياق ذاته، قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، في إحدى حلقاته التلفزيونية:

“الابن مهما أساء، فله حق الأبوة.. والمقاطعة الكاملة مرفوضة شرعًا، حتى لو بدر منه ما يُغضب الأب، فالعتاب أولى من الهجر، والدعاء أولى من القسوة، والله لا يرضى بالفرقة بين الأسر”.

وشددت الفتاوى على أن الهجر لا يكون إلا في حالة وجود معصية ظاهرة مستمرة، وبعد استنفاد وسائل النصح، ويشترط فيه أن يكون في حدود ثلاثة أيام فقط، كما ورد في الحديث الشريف.

وخلصت دار الإفتاء إلى القول بأن مقاطعة الأب لابنه دون مبرر شرعي، ودون نية الإصلاح، تُعد قطيعة رحم، وهي من الكبائر التي تُغضب الله، وأن الواجب على الآباء الترفّق، والاحتساب، وتغليب لغة الرحمة على الغضب

تم نسخ الرابط