ما معنى الستر الوارد في قول رسول الله: "مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ"

في ظل كثرة تداول القضايا الأخلاقية والشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، يتكرر التساؤل بين الناس: ما معنى الستر الذي حث عليه النبي ﷺ في قوله: «من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة»
وفي هذا السياق أجابت دار الإفتاء المصرية أن الإسلام حرص على تزكية نفوس المسلمين وتحليتها بالخصال الحسنة والأعمال الصالحة، وعلى تنزيهها عن الخصال المذمومة وسيئ الأعمال؛ ومن ذلك النصوص الدينية التي تحثُّ المسلم على ستر أخيه وتُحَذِّره من تتبع عوراته وزلاته؛ وهي كثيرة، ومنها قوله صلى الله عليه وآله سلم: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» متفق عليه، ومعنى الستر هنا عامٌّ لا يتقيد بالستر البدني فقط أو الستر المعنوي فقط، بل يشملهما جميعًا؛ قال شيخ الإسلام محيي الدين النووي الشافعي في "شرح النووي على صحيح مسلم" (16/ 135، ط. دار إحياء التراث العربي-بيروت): [وَأَمَّا السَّتْرُ الْمَنْدُوبُ إِلَيْهِ هُنَا فَالْمُرَادُ بِهِ السَّتْرُ عَلَى ذَوِي الْهَيْئَاتِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ لَيْسَ هُوَ مَعْرُوفًا بِالْأَذَى وَالْفَسَادِ، فَأَمَّا المعروف بذلك فيستحب أن لا يُسْتَرَ عَلَيْهِ، بَلْ تُرْفَعَ قَضِيَّتُهُ إِلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ إِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ ذَلِكَ مَفْسَدَةً؛ لِأَنَّ السَّتْرَ عَلَى هَذَا يُطْمِعُهُ فِي الْإِيذَاءِ وَالْفَسَادِ وَانْتِهَاكِ الْحُرُمَاتِ وَجَسَارَةِ غَيْرِهِ عَلَى مِثْلِ فِعْلِهِ] اهـ.
متى لا يُشرع الستر؟

ذكرت دار الإفتاء أن التستر لا يجوز إذا ترتب عليه:

• ضياع حقوق للعباد
• تكرار الجُرم من صاحبه
• إلحاق ضرر بمؤسسة أو شخص آخر
• إهمال إقامة حد من حدود الله الشرعية التي تُحفظ بها الجماعة

وأضافت أن القاعدة الفقهية تقول: “لا يُستر مَن أصرّ على الفجور والعدوان، وأصبح شره عامًا”، بل يجب ردعه وإبلاغ الجهات المختصة، خاصة في القضايا الأخلاقية والاعتداءات.

 الستر سبب لستر الله يوم القيامة

وختمت دار الإفتاء بيانها بأن هذا الحديث النبوي يحمل وعدًا عظيمًا لمن رحم الخلق فستَرهم، فيُقابل ستره للناس بسترة الله عليه في يوم القيامة، يوم يُفضَح فيه أهل الذنوب والمعاصي، مشيرة إلى أن الله ستير يحب الستر، كما جاء في الحديث:

“إن الله حييٌّ ستير، يحب الحياء والستر” (رواه أبو داود والنسائي)