هل هناك ضوابط شرعية معينة لكفالة طفل من دار الأيتام ؟ الإفتاء توضح الحكم

في ظل ارتفاع الوعي المجتمعي بأهمية العمل الخيري والأسري، يتزايد اهتمام الكثير من الأسر بكفالة الأطفال الأيتام ورعايتهم داخل منازلهم، لا سيما أولئك الذين يعيشون في دور الرعاية. ومع هذا التوجه الإنساني النبيل، تبرز تساؤلات شرعية حول الأحكام والضوابط التي ينبغي الالتزام بها لضمان أن تكون الكفالة موافقة لروح الشريعة الإسلامية وأحكامها الدقيقة
وفي هذا السياق أجابت دار الإفتاء المصرية أنه يُشْتَرَط فيمَن يريد رعاية طفل مع أسرته سواء أكان له أولاد أم لا ألَّا يَنْسِب الطفل إلى نفسه؛ لأنَّ هذا من الكبائر، ويُشْتَرَط أن يكون الولد في سنّ الرضاعة -وهي سنتان قمريتان-؛ حتى يتسنَّى لرب الأسرة البديلة حينئذ أن يجعله يرضع من زوجته -الأم البديلة- أو أمها أو أختها أو بنتها أو زوجة ابنها أو زوجة أخيها، ويتسنَّى إذا كان أنثى أن ترضع من زوجة أخرى لرب الأسرة البديلة -إن كان- أو من أمه أو أخته أو ابنته أو زوجة أخيه أو زوجة ابنه، إن كان في ثدي المرضِعة ما تُرْضِعُه به، وإلا تناولت من المواد غير الضارة ما يساعدها على إدرار اللبن، فتُرضِعُه خمس رضعات مشبعات متفرقات على الأقل حتى يمكن أن يُقِيمَ مع هذه الأسرة بلا حرج من المعيشة مع الذكور فيها -إن كان الولد أنثى- أو بلا حرج من المعيشة مع الإناث فيها -إن كان الولد ذكرًا-.
ويُشْتَرَط كون الأسرة البديلة من المسلمين، وألا تكون بهم أمراض معدية يُخشى انتقالها إلى الطفل الذي يرغبون في رعايته واستضافته، ويُشْتَرَط السماح برقابة خارجية ومتابعة دورية للتأكد من عدم الإساءة للطفل أو استغلاله استغلالًا محرمًا شرعًا أو قانونًا.
كافل اليتيم في منزلة الأنبياء.. ورفيق النبي في الجنة
أكدت دار الإفتاء المصرية، وهيئات علمية شرعية، أن كفالة اليتيم من أعظم أبواب الخير التي حثّ عليها الإسلام، وجعل لها منزلة رفيعة في الدنيا والآخرة. فاليتيم، الذي فقد من يعوله ويرعاه، جعله الله في موضع عناية خاصة، واعتبر الإحسان إليه علامة من علامات الإيمان الصادق والرحمة الحقيقية.
ويكفي في بيان فضل كفالة اليتيم، قول النبي محمد ﷺ:
“أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا”
وأشار بالسبابة والوسطى، وفرّج بينهما.
(رواه البخاري)
وهذا الحديث الشريف يدل على قرب منزلة كافل اليتيم من النبي ﷺ نفسه يوم القيامة، وهي منزلة لا تُنال بكثرة صلاة أو صيام فقط، بل برحمة تُترجم إلى عمل وإنفاق وتربية.
كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:
“من مسح على رأس يتيم لم يمسحه إلا لله، كان له بكل شعرة مرّت عليها يده حسنات”
(رواه أحمد)
وأشار العلماء إلى أن الكفالة لا تقتصر على الجوانب المادية فحسب، بل تشمل التربية والرعاية والاحتواء النفسي، والتعامل مع اليتيم كأحد أفراد الأسرة، دون منّ أو أذى.
وأكدت الجهات الدينية أن من يكفل يتيمًا؛ يُرجى له أن تُكفّر عنه ذنوبه، وأن يُفرَّج عنه كربه، وأن يكون له في كل خطوة بركة، وأن يدخل في دائرة الرحمة الإلهية، مستشهدين بقول النبي صلى الله عليه وسلم:
“البيت الذي فيه يتيم يُكرم، لا يقربه الشيطان، ولا يدخله الفقر”
(رُوي موقوفًا ومعناه ورد في عدد من الآثار).
وتشير الشريعة إلى أن كفالة اليتيم باب مفتوح لكل قادر، سواء برعايته المباشرة في بيته، أو الإنفاق عليه، أو دعمه تعليميًا أو نفسيًا أو صحيًا، فكلها صور مشروعة تُدخل المسلم في وعد النبي