الإفتاء توضح: تسمية الأطفال فرض شرعي وتحسين الاسم واجب أدبي وديني

في ظل بحث الأسر عن أسماء جديدة لمواليدهم، عاد الجدل مجددًا حول ضوابط تسمية الأطفال في الإسلام، وما المقصود بتحسين الأسماء الذي دعت إليه الشريعة. فهل تحسين الاسم يقتصر على جمال اللفظ؟ أم أن له أبعادًا شرعية
وفي هذا السياق أجابت دار الإفتاء المصرية التسمية تكريم للمولود؛ لأنه يُعْرَف بالاسم ويُمَيَّز به عن غيره، فهي مطلوبٌ شرعيٌّ؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70]، وقد حكى الإمام ابنُ حزم الاتفاقَ على فرضيتها؛ فقال في "مراتب الإجماع" (ص: 154، ط. دار الكتب العلمية): [اتفقوا أن التسمية للرجال والنساء فرض] اهـ.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتحسين الأسماء، وأخبر أنَّ الناس يُدعَوْن بها يوم القيامة؛ فروى أحمد في "مسنده"، وأبو داود في "السنن"، وابن حبان في "الصحيح" عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ؛ فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ».
والمراد بتحسين اسم المولود الذي أمرت به الشريعة هو ألا يكون الاسم قبيحًا، ولا مخالفًا للشريعة؛ فالأصل جواز التسمية بأيِّ اسمٍ، إلا ما وردَ الشرعُ بالنهي عنه أو عن جنسه؛ كأنْ يَحْمِلَ معنًى قبيحًا، أو يكون مختصًّا بالله تعالى بحيث لا يُطْلَق إلا عليه سبحانه؛ كاسم "الله"، و"الرحمن"، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: 65].
وفي تحسين الاسم من الفأل الحسن والتيمن الممدوح من أن يكون المولود إنسانًا فاضلًا صالحًا مُتَّسِمًا
هل هناك أسماء يحرم التسمية بها؟ وما رأي دار الإفتاء؟
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن التسمية من حقوق الطفل الأساسية، وقد أوجب الإسلام تحسين الاسم، وحث على اختيار أسماء حسنة ذات معانٍ طيبة. وفي هذا السياق، فرّقت الدار بين الأسماء المحرّمة والمكروهة والمستحبّة، مؤكدة أن الأصل في الأسماء الإباحة، ما لم يتضمن الاسم مخالفة شرعية.
أولًا: أسماء يحرم التسمية بها شرعًا (محظورة قطعًا)
1 الأسماء المختصة بالله تعالى
◦ مثل: الله، الرحمن، القدوس، الخالق…
◦ لا يجوز التسمية بها لأنها من أسماء الله الخاصة التي لا تُطلق إلا عليه.
◦ ويستثنى منها الأسماء التي تُضاف إلى “عبد”، مثل: عبد الله، عبد الرحمن.
2 أسماء تعبّر عن العبودية لغير الله
◦ مثل: عبد النبي، عبد الرسول، عبد الحسين، عبد الكعبة
◦ قالت دار الإفتاء: هذا محرّم بالإجماع لأن العبودية لا تكون إلا لله.
3 أسماء الشياطين أو الطغاة
◦ مثل: إبليس، فرعون، هامان، جالوت، نمرود
◦ لأنها أسماء مذمومة شرعًا وتحمل دلالات كفر وطغيان.
4 أسماء فيها تزكية للنفس
◦ مثل: برّة، تقوى، خيّرة، صالحة (بمعنى فيه تزكية ثابتة)
◦ لأن فيها مدحًا لا يُعرف إن كان صاحب الاسم يستحقه، وقد غيّر النبي ﷺ اسم “برّة” إلى “جميلة”.
ثانيًا: أسماء يُكره التسمية بها (لكن لا تصل إلى التحريم)
1 الأسماء الأعجمية المجهولة أو غير ذات معنى
◦ خصوصًا إذا كانت تحمل معاني تخالف العقيدة أو تميل إلى ديانات أخرى.
2الأسماء التي تُعرّض الطفل للتنمر أو السخرية
◦ مثل: كُليب، جمر، شهاب، حرب
◦ لما فيها من إيذاء معنوي أو وقع لفظي سيئ.
3 أسماء الشخصيات المنحرفة أو الفاسدة
◦ مثل أسماء بعض المغنين أو الطغاة المعاصرين، إذا اشتهروا بالفساد.
ثالثًا: الأسماء المستحبة
1 أسماء الأنبياء والصالحين
◦ مثل: محمد، يوسف، إبراهيم، عيسى، موسى، فاطمة، مريم…
2 الأسماء التي تدل على صفات محمودة
◦ مثل: كرم، سكينة، هدى، صلاح، حسن، جميلة
3أسماء فيها عبودية لله
◦ مثل: عبد الله، عبد الرحمن، عبد الرحيم
توصية دار الإفتاء:
دعت دار الإفتاء أولياء الأمور إلى التحري في اختيار أسماء أبنائهم وبناتهم، وأن تكون الأسماء:
• ذات معانٍ طيبة
• غير مخالفة للشرع
• وتتناسب مع ثقافة المجتمع والهوية الإسلامية
وختمت بحديث النبي ﷺ:
“إنكم تُدعَون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فحسِّنوا أسماءكم”
(رواه أبو داوود