عاجل

دراسة علمية تكشف دور البيئة العائلية في تحسين جودة النوم لدى الأطفال

النوم العميق لدى
النوم العميق لدى الأطفال

يُعد النوم الجيد أحد أهم العوامل الأساسية لنمو الأطفال بشكل صحي وسليم، سواء على الصعيد الجسدي أو العقلي أو النفسي. ولكن ما قد لا يدركه كثيرون هو أن نوعية النوم لا تعتمد فقط على روتين الطفل أو نظامه الغذائي، بل إن البيئة الأسرية وطبيعة العلاقة بين الطفل وأسرته تلعبان دورًا جوهريًا في تحديد مدى جودة نومه، فيما يلي نسلط الضوء على نتائج دراسة حديثة أجريت في الولايات المتحدة، تناولت العلاقة بين التفاعل الأسري وأنماط نوم الأطفال، وخاصة خلال فترة جائحة كوفيد-19، وهي فترة شهدت الكثير من التحديات النفسية والاجتماعية داخل البيوت.

دراسة أمريكية: الترابط العائلي يعزز النوم العميق لدى الأطفال

خلال الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية لطب الأطفال المنعقد في مدينة سياتل، تم عرض نتائج دراسة موسعة أجريت على 4,951 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 9 و11 عامًا، ضمن مشروع بحثي طويل الأمد يركز على تطور الدماغ لدى الأطفال.

تم جمع البيانات خلال شهري مايو وأغسطس من عام 2020، أي في ذروة جائحة كورونا، حيث طُلب من أولياء الأمور تعبئة استبيانات تتعلق بعادات النوم لأطفالهم، ومستوى التفاعل الأسري، ومدى اعتماد الأطفال على الوسائط الرقمية في التواصل الاجتماعي.

 تفاعل الأسرة = نوم أفضل

أظهرت النتائج أن الأطفال الذين يتمتعون بعلاقات أسرية قوية ويشاركون في أنشطة يومية مع آبائهم مثل تناول الطعام معًا أو مناقشة خطط اليوم التالي، كانت لديهم فرص أكبر في الحصول على نوم كافٍ وعميق، وإليك أبرز ما كشفته الدراسة بالأرقام:

  • 51% من الأطفال الذين أظهر آباؤهم تفاعلًا يوميًا معهم حصلوا على نوم كافٍ.
  • تناول الوجبات بشكل جماعي ساهم في تحسين النوم لدى 48% من الأطفال.
  • النقاشات اليومية حول أنشطة وخطط اليوم التالي ساعدت 48% من الأطفال على الاسترخاء والنوم بسهولة.

هذه النتائج تشير بوضوح إلى أن وجود بيئة أسرية دافئة ومتفاعلة يسهم بشكل كبير في تقليل القلق والتوتر لدى الأطفال، مما ينعكس مباشرة على جودة نومهم.

عوامل تؤثر سلبًا على نوم الأطفال

على الجانب الآخر، لاحظ الباحثون أن الأطفال الذين يقضون فترات طويلة في استخدام الأجهزة الذكية والتواصل الاجتماعي عبر الشاشات كانوا أكثر عرضة لمشاكل في النوم، ومن بين النتائج:

  • 40% من الأطفال الذين يعتمدون على الشاشات كوسيلة للتواصل الاجتماعي عانوا من قلة النوم.
  • 42% من الأطفال الذين يقل تفاعلهم مع آبائهم واجهوا صعوبة في الحصول على ساعات نوم كافية.

الاعتماد الزائد على الشاشات، خصوصًا قبل النوم، يربك الساعة البيولوجية للطفل ويؤثر سلبًا على إفراز هرمون "الميلاتونين" المسؤول عن النوم. كما أن غياب التواصل الأسري يزيد من الشعور بالعزلة والقلق، ما يؤدي إلى اضطرابات في النوم.

لماذا يؤثر التفاعل الأسري على نوم الطفل؟

النوم لا يتعلق فقط بالإرهاق الجسدي، بل هو عملية متكاملة تتطلب شعور الطفل بالأمان والاستقرار. عندما يشعر الطفل أن هناك من يهتم به، يستمع إليه، ويشاركه تفاصيل حياته، فإن ذهنه يصبح أكثر استعدادًا للراحة والاسترخاء.
بالمقابل، فإن التوتر، الانشغال الزائد للوالدين، أو قلة التواصل، قد تُشعر الطفل بعدم الأمان أو الإهمال، ما يجعله أكثر عرضة للقلق وصعوبة الاستغراق في النوم.

توصيات لتحسين نوم الأطفال من خلال تقوية الروابط الأسرية

إذا كنتَ أحد الوالدين أو مقدّم رعاية، فإليك بعض النصائح البسيطة التي يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا في نوم طفلك:

  • خصص وقتًا يوميًا للحديث مع طفلك، حتى لو بضع دقائق قبل النوم.
  • اجعل وجبة واحدة على الأقل يوميًا تجمع أفراد الأسرة، وشارك طفلك الحديث أثناء الطعام.
  • قلل استخدام الشاشات في فترة ما قبل النوم، واستبدلها بأنشطة هادئة مثل القراءة أو الحديث العائلي.
  • ثبّت روتينًا ليليًا مريحًا، يشمل الاستحمام، تقليل الإضاءة، وتهيئة جو النوم.
  • كن مستمعًا جيدًا، فالتعبير عن المشاعر قبل النوم يساعد الطفل على تفريغ القلق والنوم بهدوء.

تؤكد هذه الدراسة أن الصحة النفسية للأطفال تبدأ من داخل الأسرة، وأن العلاقة القوية بين الطفل ووالديه تؤثر بشكل مباشر على جودة نومه. في عالم سريع الإيقاع ومليء بالتكنولوجيا، لا يزال الحوار، الحب، والدعم الأسري هي الركائز الأساسية التي تضمن لطفلك نومًا هادئًا ونموًا صحيًا.
فامنح طفلك وقتك، قبل أن تمنحه جهازًا ذكيًا، وراقب كيف سيتغير نومه وسعادته وحياته بالكامل.

تم نسخ الرابط