كيف تؤثرعادات الطفولة على «الصحة النفسية» للشباب ؟

كشفت دراسة جديدة أن نمط الحياة اليومي في مرحلة الطفولة يلعب دورًا محوريًا في تشكيل الصحة النفسية للمراهقين، الدراسة التي استمرت قرابة 8 سنوات، تابعت خلالها مجموعة من الأطفال تراوحت أعمارهم بين 6 و9 سنوات، وركّزت على العلاقة بين العادات اليومية مثل النوم، التغذية، النشاط البدني، واستخدام الشاشات وبين الصحة النفسية لاحقًا في مرحلة المراهقة.
السلوكيات الصحية تحمي من الاكتئاب والقلق
أظهرت نتائج الدراسة التي نُشرت عبر مدونة Thrive نقلًا عن مجلة JAMA Network Open، أن الأطفال الذين مارسوا نمط حياة صحي بانتظام – مثل النشاط البدني، النوم الكافي، تناول الغذاء المتوازن، والحد من وقت الشاشة – كانوا أقل عرضة لتطور أعراض الاكتئاب والقلق والتوتر عند بلوغهم سن 14 عامًا.
النشاط البدني في الطفولة: عامل وقاية نفسي
سلّط الباحثون الضوء على أن النشاط البدني المنتظم في سن مبكرة كان من أقوى العوامل المرتبطة بتحسين الصحة النفسية، سواء كان الطفل يمارس رياضة منظمة، أو يركب الدراجة في الحي، أو يلعب في الهواء الطلق، فإن الحركة اليومية تُسهم في تنظيم كيمياء الدماغ، مثل الإندورفين والسيروتونين، مما يعزز المزاج ويقلل من مستويات التوتر.
استخدام الشاشات: الخطر الصامت
في المقابل، حذّرت الدراسة من التأثير السلبي للاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية. فزيادة وقت الشاشة، خاصة عندما يتجاوز الترفيه حدود المعقول، ارتبطت بارتفاع أعراض القلق والتقلبات المزاجية. وأوضحت النتائج أن الإفراط في استخدام الشاشات قد يؤدي إلى تقليل وقت النوم والنشاط البدني، ما يؤثر سلبًا على الصحة النفسية والجسدية على المدى البعيد.
النوم الجيد أساس الصحة العقلية
النوم المنتظم والكافي جاء كأحد الأعمدة الأساسية في دعم الصحة النفسية للأطفال، فالأطفال الذين حافظوا على روتين نوم صحي كانوا أكثر توازنًا عاطفيًا وأقل عرضة للضيق النفسي عند دخولهم سن المراهقة، ووفقًا للأكاديمية الأميركية لطب النوم، يُنصح بأن ينام الأطفال من 6 إلى 12 سنة بين 9 و12 ساعة يوميًا، بينما يحتاج المراهقون من 13 إلى 18 سنة إلى ما بين 8 و10 ساعات من النوم يوميًا.
التغذية والمزاج.. علاقة وثيقة
الغذاء ليس فقط مصدرًا للطاقة، بل أيضًا للصحة النفسية. فقد وجدت الدراسة أن الأطفال الذين تناولوا وجبات غنية بالفواكه، الخضروات، الحبوب الكاملة، والبروتينات الصحية، كانوا أكثر قدرة على التعامل مع الضغوط النفسية. بالمقابل، ارتبط النظام الغذائي الغني بالسكريات والدهون المشبعة بزيادة فرص الإصابة بالاكتئاب والقلق.
التوازن هو الحل
أشارت الدراسة إلى أن تراكم العادات الصحية اليومية – حتى وإن لم تكن مثالية – يمكن أن يُحدث تأثيرًا تراكميًا إيجابيًا على الصحة النفسية. فمجرد إدخال تحسينات بسيطة على نمط النوم أو تقليل وقت الشاشة، أو تشجيع الطفل على اللعب في الخارج، يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا على المدى الطويل.
كيف تدعم صحة طفلك النفسية؟
- حدّد وقت الشاشة الترفيهي: لا يتجاوز ساعة واحدة في أيام الدراسة.
- شجع على الأنشطة البدنية: حتى لو كانت بسيطة مثل ركوب الدراجة أو اللعب في الحديقة.
- أنشئ روتين نوم ثابت: مع الالتزام بموعد محدد للنوم والاستيقاظ.
- قدّم وجبات صحية: تحتوي على الخضروات، البروتين، والحبوب الكاملة.
- قلّل من المحفزات قبل النوم: مثل الأجهزة الإلكترونية والأطعمة السكرية.
ما نزرعه في أطفالنا اليوم، نجنيه في مراهقتهم غدًا، فبناء روتين يومي صحي لا يحميهم فقط من الأمراض الجسدية، بل يجهزهم نفسيًا لحياة متزنة وأكثر استقرارًا.