عاجل

طواف الإفاضة ركنٌ لا يُعذر الحاج بتركه… فماذا لو فات وقته أو لم يُؤدّ؟

طواف الإفاضة
طواف الإفاضة

مع اقتراب انتهاء مناسك الحج، يُثار تساؤل بين الحجاج حول طواف الإفاضة، أحد أركان الحج الأربعة التي لا يصحّ النسك بدونها، والذي يؤدّى بعد الإفاضة من عرفات والمبيت في مزدلفة. ويكمن التساؤل الأبرز: ما حكم من ترك طواف الإفاضة أو نسي أداءه وغادر مكة؟ وهل هناك بديل شرعي أو فدية تغني عنه

يعد طواف الإفاضة أحد الأركان الأساسية التي لا يصح الحج إلا بها، وهو الطواف الذي يؤدِّيه الحاج بعد خروجه من عرفات، ومبيته في مزدلفة، ثم التوجه إلى منى يوم النحر للرمي والنحر والحلق، ثم التوجه إلى المسجد الحرام لأداء هذا الطواف الجليل.

وقد جاءت الإشارة إلى هذا الركن في قوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29]، وهو ما أجمع عليه الفقهاء ضمن أركان الحج الأربعة: الإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة. ويُعرف طواف الإفاضة كذلك بعدة أسماء منها: طواف الزيارة، وطواف الفرض، وطواف الركن، وطواف الصدر، كما أشار الإمام النووي في “المجموع شرح المهذب”.

موعد أداء طواف الإفاضة وأحكامه للضعفاء والنساء

يبدأ وقت طواف الإفاضة - بحسب جمهور أهل العلم - بعد طلوع شمس يوم العيد، غير أن للنساء وكبار السن رخصة في تقديمه بعد منتصف الليل السابق ليوم النحر، تأسّيًا بترخيص النبي ﷺ للضعفاء في ذلك، وهو ما ذهب إليه كثير من الفقهاء.

أما عن آخر وقت لأداء هذا الطواف، فقد اختلف فيه العلماء، فذهب الإمام أبو حنيفة إلى وجوب الدم على من أخره عن أيام التشريق، بينما رأى الإمام مالك أن مداه يمتد إلى نهاية شهر ذي الحجة، باعتباره من “أشهر الحج” المذكورة في قوله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: 197]. ومنهم من أجاز تأخيره حتى بعد انقضاء الشهر مع صحة الحج وعدم وجوب الفدية.

حكم طواف الإفاضة للحائض والجمع بينه وبين طواف الوداع

الحائض التي لم تطُف طواف الإفاضة أمامها خياران: إما الانتظار حتى الطهر، أو استعمال وسيلة توقف نزول الدم لتؤدي الطواف خلال مدة النقاء. فإن تعذّر عليها كلا الأمرين، فيجوز لها - مع الاحتياط والتطهير - أن تطوف في حال العذر، ولا إثم عليها. وقد ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن امرأة حاضت أثناء الطواف فأكملت عائشة طوافها بها، كما نقل ابن حزم في “المحلى”.

وفي هذه الحالة، يُستحب أن تُهدي المرأة بدنة، ويجوز الاكتفاء بشاة، وإن تعذر ذلك فلا إثم عليها؛ لما عليه جماعة من السلف، ورأي من قال بسنية الطهارة للطواف.

أما بشأن الجمع بين طواف الإفاضة والوداع، فقد أجازت دار الإفتاء المصرية هذا الجمع بشرط أن يغادر الحاج مكة مباشرة بعد أداء الطواف دون المكوث فيها، إلا لجمع أغراض السفر أو شراء ما يلزم للطريق. وقد نقلت الإفتاء عن جمهور العلماء أن طواف الوداع واجب، إلا أن المالكية ومن وافقهم اعتبروه سنة، واستدلوا بالتخفيف عن الحائض.

وقد أجاز المالكية والحنابلة الجمع بين الطوافين بنية واحدة، ما دام أن المقصود من طواف الوداع أن يكون آخر عهد الحاج بالبيت، وهذا يتحقق بطواف الإفاضة.

التنبيه على شرط المكوث بعد طواف الوداع

أوضحت دار الإفتاء أن مَن أتى بطواف الوداع ثم قرر البقاء في مكة – ولو لبضع ساعات – فعليه إعادة الطواف ليصح طوافه الأخير، مستشهدة بحديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خُفف عن الحائض» (متفق عليه).

وبذلك، يتضح أن طواف الإفاضة ركنٌ لا يُستغنى عنه في الحج، ويجوز أن يُدمج مع طواف الوداع بشروط واضحة، ما يُيسر على الحجاج أداء المناسك دون مشقة أو حرج، في ظل ما قرره الشرع من أحكام تراعي الأعذار والضرورات

تم نسخ الرابط