هل يجوز جمع الجمرات في يوم واحد؟.. الإفتاء توضح الحكم

مع استمرار مناسك الحج في أيام التشريق، وتحديدًا في الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، تتوالى استفسارات الحجاج حول صحة أداء بعض الشعائر في غير توقيتها، وخاصة ما يتعلق بـ”رمي الجمرات”، وهي من أعظم شعائر الحج التي تتطلب الالتزام بترتيبها الزمني والمكاني بدقة.
ومن أبرز الأسئلة المتكررة في هذا السياق: هل يجوز جمع رمي الجمرات في يوم واحد بدلاً من توزيعها على أيام التشريق الثلاثة؟، خاصة في حال الأعذار أو المشقة؟ وهل يجوز دمج الرمي لمن لا يملك القدرة على الالتزام بالتوقيت اليومي؟
وفي هذا الإطار، أوضحت دار الإفتاء المصرية في بيان رسمي الأحكام الشرعية المتعلقة بجمع رمي الجمرات في يوم واحد، سواء بعذر أو بغير عذر، مستندة إلى آراء المذاهب الفقهية والأدلة من السنة النبوية.
الرمي في أيام التشريق.. ترتيب شرعي لا يُستهان به
رمي الجمرات من واجبات الحج، ويبدأ الحاج به يوم العيد (10 ذو الحجة) برمي جمرة العقبة الكبرى، ثم يرمي في كل يوم من أيام التشريق الثلاثة الجمرات الثلاث: الصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى، كل منها بسبع حصيات، وذلك بعد الزوال.
ووفقًا لما قررته دار الإفتاء، فإن الأصل الشرعي أن يكون رمي الجمرات في كل يوم على حدة، كما فعل النبي ﷺ، وأمر بذلك، وهو ما التزم به جمهور الصحابة والفقهاء. وهذا الترتيب الزمني يُعدّ جزءًا من الانضباط التعبدي في شعيرة الحج.
هل يجوز الدمج أو الجمع بعذر؟
بيّنت دار الإفتاء أن الفقهاء أجازوا في حالات الضرورة والحرج والمشقة، خاصة لكبار السن أو المرضى أو النساء، أن يُؤخَّر الرمي عن يومه ليُجمع في اليوم الذي بعده، أو أن يُرمى الجمرات كلها في يوم واحد، كأن يرمي عن يوم 11 و12 و13 جميعًا في اليوم الثالث عشر.
وقد استندت الإفتاء إلى قول الإمام أحمد وبعض المالكية والحنابلة الذين أجازوا ذلك للعذر، وكذلك ما جاء عن بعض الصحابة الذين أذنوا لمن كان معهم من الضعفاء بالتأخير والجمع
وأكدت أن هذا الجمع لا يُفعل إلا بعذر معتبر، كعدم وجود مرافق، أو شدة الزحام، أو خطر على النفس، أو مرض مزمن، أو إعاقات حركية.
ما الحكم إذا جُمعت الجمرات دون عذر؟
أما من جمع الرمي دون عذر معتبر، فأكدت دار الإفتاء أن فعله لا يُجزئه شرعًا على قول جمهور الفقهاء، وأن عليه دم فدية (ذبح شاة) تُوزع على فقراء الحرم، لأنه ترك واجبًا من واجبات الحج، وهو الرمي في وقته.
كما أن فعله يُعدّ مخالفة صريحة لهدي النبي ﷺ، وهو ما يُنتقص به أجر الحج، ويؤثر على صحته، إن لم يُكفَّر عنه.
الرمي بالنيابة.. حل متاح بشروط
وأضافت الإفتاء أن من كان عاجزًا عن الرمي بنفسه، فله أن يُنيب غيره من الحجاج المتمكنين عن الرمي عنه، بشرط أن يكون النائب قد رمى عن نفسه أولاً، ثم يقوم بالرمي عن غيره، ولا يشترط حضور الموكل وقت الرمي