هل يجوز صيام ثالث أيام عيد الأضحى؟.. دار الإفتاء تُوضح الحكم الشرعي

في ظل عيد الأضحى المبارك، يتجدد السؤال الذي يتداوله الكثير من المسلمين حول العالم: هل يجوز صيام ثالث أيام عيد الأضحى؟، خاصة بين من لم يتمكنوا من الصيام في يوم عرفة، أو من لديهم عادات خاصة في صيام أيام النوافل.
وقد تصدرت منصات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث هذا السؤال خلال الساعات الأخيرة، مما دفع دار الإفتاء المصرية إلى توضيح الحكم الشرعي الصحيح، تجنبًا لأي لبس أو مخالفة شرعية قد يقع فيها البعض بحسن نية.
وأوضحت دار الإفتاء، في بيان نشرته على موقعها الرسمي وصفحاتها عبر السوشيال ميديا، أن صيام أيام عيد الأضحى الثلاثة التي تلي يوم النحر – أي أيام التشريق – غير جائز شرعًا، حيث ورد النهي الصريح عن صيامها في السنة النبوية.
فقد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: «أيامُ التشريقِ أيامُ أكلٍ وشُربٍ وذِكرٍ للهِ» [رواه مسلم]. كما جاء في رواية أخرى عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ «نهى عن صيام يومين: يوم الفطر ويوم النحر» [متفق عليه]، وأضافت روايات أخرى: «وأيام التشريق».
وبناءً على ذلك، فإن ثاني أيام عيد الأضحى – والذي يُعرف شرعًا باليوم الثاني من أيام التشريق – لا يجوز صيامه تطوعًا ولا قضاءً ولا نذرًا، لأنه من الأيام المنهي عن صيامها، باستثناء حالة واحدة أشار إليها الفقهاء.
فقد أجاز بعض أهل العلم صيام أيام التشريق للمتمتع والقارن الذين لم يجدوا الهدي، وهو ما ذهب إليه جمهور العلماء من المذاهب الأربعة، مستندين في ذلك إلى قوله تعالى في سورة البقرة:
“فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم” [البقرة: 196]، وقول ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما: «لم يُرخص في أيام التشريق أن يُصَمن، إلا لمن لم يجد الهدي».
وبخلاف تلك الحالة الاستثنائية، يبقى الأصل في أيام التشريق أنها لا تُصام، بل تُخصص للأكل والشرب والتكبير وذكر الله، وهي فرصة للتواصل الاجتماعي وصلة الرحم في أجواء تسودها الروحانية والمودة بين المسلمين.
وتنصح دار الإفتاء المسلمين بالحرص على إحياء هذه الأيام بالطاعات التي أُمر بها، مثل التكبير عقب الصلوات، والإكثار من ذكر الله، والدعاء، والتقرب بالنوافل التي لا تشمل الصيام، خاصة أن هذه الأيام تأتي بعد شعيرة عظيمة هي ذبح الأضحية
أعمال مستحبة في أيام التشريق :
أولًا: التكبير المطلق والمقيد
من أبرز الأعمال التي يُستحب الإكثار منها في أيام التشريق هو التكبير، وله نوعان:
• التكبير المطلق: يبدأ من دخول شهر ذي الحجة ويستمر حتى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق، ويُستحب في أي وقت.
• التكبير المقيّد: يبدأ من فجر يوم عرفة لغير الحاج، ومن ظهر يوم النحر للحاج، ويُقال بعد كل صلاة حتى عصر اليوم الثالث من أيام التشريق (اليوم 13 من ذي الحجة).
والصيغة المستحبّة للتكبير هي:
“الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”.
ثانيًا: كثرة الذكر والدعاء
أيام التشريق هي أيام شكر لله تعالى، كما ورد عن النبي ﷺ:
“أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله” [رواه مسلم].
فالمسلم يُستحب له أن يُكثر فيها من الحمد والتسبيح والتهليل والدعاء، لا سيما بعد الصلوات وفي المجالس، وفي كل وقت.
ثالثًا: الأضحية
من كان قد أخر ذبح الأضحية، فيجوز له الذبح في أيام التشريق، لأن وقت ذبح الأضحية يمتد من بعد صلاة العيد وحتى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق. وهي من أعظم القربات، وقد ورد فيها حديث:
“ما عمل ابن آدم يوم النحر أحب إلى الله من إراقة الدم” [رواه الترمذي].
رابعًا: صلة الأرحام والتوسعة على الأهل
تُعد أيام التشريق فرصة عظيمة لـصلة الرحم، وزيارة الأقارب، وإدخال السرور على الأهل والأصدقاء، وهي من السنن المهجورة التي يغفل عنها كثيرون. كما يُستحب فيها التوسعة على الأهل والأبناء، وإدخال البهجة في البيوت، تأسّيًا بهدي النبي ﷺ.
خامسًا: المبيت بمنى ورمي الجمرات (للحجاج)
أما الحجاج، فهذه الأيام من أهم مراحل الحج، حيث يبقى الحاج بمنى ويرمي الجمرات الثلاث في كل يوم من أيام التشريق، وهي شعائر عظيمة تؤدى اتباعًا لهدي النبي ﷺ