هل يجوز الصيام في ثالث أيام العيد؟.. دار الإفتاء توضح الضوابط

مع حلول اليوم الثالث من أيام عيد الأضحى المبارك، والذي يُعرف شرعًا بثالث أيام التشريق، تزداد التساؤلات بين المسلمين حول مدى جواز الصيام في هذا اليوم، خاصة لدى من اعتادوا على صيام التطوع أو أولئك الذين يسعون لتعويض ما فاتهم من أيام في رمضان. وقد أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانًا توضيحيًا حسمت فيه الجدل حول صيام أيام التشريق، ومنها اليوم الثالث للعيد.
أيام التشريق.. أيامه أكل وشرب
أيام التشريق هي الثلاثة التي تلي يوم النحر (10 من ذي الحجة)، أي يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من الشهر نفسه. وتُعدّ هذه الأيام من الأيام التي نهى النبي محمد ﷺ عن صيامها لغير الحاج، لما ورد في الحديث الصحيح عن نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله”
(رواه مسلم)
وبناء على هذا الحديث، أوضحت دار الإفتاء أن الأصل في أيام التشريق أنها لا يجوز صيامها، وأنها فُرضت ليأكل الناس ويشربوا فيها ويذكروا الله على ما رزقهم من الأضاحي، وهي بمثابة استكمال لفرحة عيد الأضحى.
استثناء وحيد للحاج المتمتع والقارن
رغم هذا النهي العام، أشارت دار الإفتاء إلى أن هناك استثناءً وحيدًا أجازه الفقهاء، وهو جواز صيام أيام التشريق للحاج المتمتع أو القارن الذي لم يجد الهدي، وذلك وفقًا لقوله تعالى:
“فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم”
[سورة البقرة: 196]
وقد ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يصومون هذه الأيام في منى عندما لا يجدون الهدي، وهذا ما أقره جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، باعتباره ضرورة تُستثنى من النهي العام.
لا صيام تطوع ولا قضاء ولا كفارة
وفيما يتعلق بصيام التطوع أو القضاء أو الكفارات، فقد شددت الإفتاء على أن صيام أيام التشريق لهذه الأغراض لا يُجزئ شرعًا، ولا يُستحب، بل يعد منهيًا عنه، ولا يُكتب لصاحبه أجر، بل يكون قد خالف سنة النبي ﷺ.
وأوضحت أن على المسلم أن يؤخر صيامه إلى ما بعد انتهاء أيام التشريق، أي ابتداءً من اليوم الرابع عشر من ذي الحجة، وهو اليوم الذي يُستأنف فيه الصيام من جديد سواء كنافلة أو قضاء أو كفارة.
الحكمة من النهي
وأرجعت دار الإفتاء الحكمة من النهي عن الصيام في أيام التشريق إلى كونها أيام فرح وعيد وتوسعة على النفس والأهل والفقراء، حيث يُؤمر المسلم بالأكل والشرب والذكر، خاصة في ظل شعيرة الأضحية، التي يُشرع فيها الأكل من اللحم وتوزيعه.
وختمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أهمية اغتنام أيام التشريق في الذكر والتكبير والتهليل، والإكثار من الدعاء وصلة الأرحام، مشيرة إلى أن العبادة في هذه الأيام لا تقتصر على الصيام، بل تتعدد أشكالها، وأن الطاعة الحقيقية هي فيما وافق السنة لا فيما وافق هوى النفس.
وبهذا، يتضح أن الصيام في ثالث أيام التشريق غير جائز لغير الحاج المتمتع أو القارن الذي لم يجد الهدي، وأن الالتزام بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام هو السبيل لنيل القَبول والأجر.