إطعام المسيحي من لحوم الأضحية.. هل يجوز أم حرام شرعا؟

الأضحية إحياءٌ لسنَّة سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصّلاة والسّلام حين أمره الله عز وجل بذبح الفداء عن ولده إسماعيل عليه الصّلاة والسّلام في يوم النّحر.
حكم إطعام غير المسلم من الأضحية
وفي جواب سائل يقول: ما حكم إطعام غير المسلم من الأضحية؟، كشف الدكتور هشام ربيع أمين الفتوى بدار الإفتاء أنه من المستحبات: من المستحبات: إطعام جاري المسيحي مِن لحم الأضحية؛ فهو مِن البر الذي أَمَر به الشرع ورغَّبَ فيه ودعا إليه، قال تعالى: { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8].
وتابع: «هو حقٌّ مِن حقوق الجار على جاره، والاستمرار على فعل ذلك والمداومة عليه يورث التآلف والصفاء، وإرساء روابط التآخي والتعاون. المسلمُ سِلْمٌ لكل مَن حوله مِن الأكوان، يَشِع منه النور والمحبة، لا الكراهية والاجتواء».
حُكم الأضحية وحِكمة تشريعها
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الأضحية سُنَّةٌ مُؤكدة، وهو الرَّاجح، واستدلوا بحديث سيدنا رسول الله ﷺ: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا» أخرجه مسلم، فقوله ﷺ: «وأراد أحدكم» دليل على سنية الأُضْحِية وعدمِ وجوبها، وذهب الإمامُ أبو حنيفة رحمه الله إلى أنها واجبة على المقيمين الموسرين.
أما إن كانت الأضحية منذورة، فقد اتَّفَقَ الفقهاء على أن من نذر أن يضحيَ فإنه يجب عليه الوفاء بنذره، سواءٌ أكان النَّذر لأضحيةٍ معيَّنة، أم غير معيَّنة.
وفي حِكَمِ تشريعها كثيرة، منها:
▪ شُرعت الأضحية شكرًا لله على نعمهِ، وتقرّبًا إليه تعالى، واستجابةً لأمره.
▪ في الأُضْحِية توسعة على النّفس والأهل والمساكين، وصلةٌ للرحم، وإكرامٌ للضَّيف، وتودُّدٌ للجار، وصدقةٌ للفقير، وفيها تحدُّثٌ بنعمة الله تعالى على العبد.
حكم ذبح الأضاحي قبل صلاة العيد
رَدًّا على من يَدَّعي صحة "ذَبْح الأضحية" قبل صلاة العيد يقول الدكتور هشام ربيع أمين الفتوى بدار الإفتاء: سمعتُ مداخلة لبعض محبي الشُّهْرة بـ"الآراء الشاذة" يَدَّعي فيها صحة "ذَبْح الأضحية" قبل صلاة العيد، وأقول: إنَّ توسعة صاحب المصنع أو المحل على العمَّال مطلوبة في هذه الأيام ولا حرج فيها، لكن هذا الأمر ليس بمبرِّرٍ لجعل ما يذبحه صاحب المصنع أو المحل يوم عرفة أو قبله أضحية؛ لأنَّ الإجماع حاصلٌ ومتحقِّقٌ على أنَّ الأضحيةَ لا يُجْزِئُ ذَبْحُهَا قَبْلَ طُلُوعِ فجرِ يوم النَّحر (10 ذي الحجة).
كما أنَّ الأصل أنه لا يجوز استبدال الأضاحي والاكتفاء بالتَّصدُّق بثمنها دون ظهور حاجةٍ لذلك.
وبين أن الفتوى المؤسسية في مثل هذه الأمور -بتكاملها المعرفي- تُجَمِّع ولا تُفَرِّق، وتَسْعَى للمحافظة على السِّلْم الاجتماعي واستقرار المجتمعات، بخلاف الفتوى الفردية التي قد يعتريها الخطأ أو الوهم، وإن شئتَ قلتَ: "الانحراف والشذوذ في بعضها!!!".
حكم الاشتراك في الأضحية
يجوز الاشتراك في الأُضْحِية إذا كانت من الإبل أو البقر ويلحق به الجاموس فقط، وتجزئُ البقرة أو الجملُ عن سبعة أشخاص؛ لما روي عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «نَحَرْنَا بِالْحُدَيْبِيَةِ، مَعَ النَّبِيِّ ﷺ الْبَدَنَةَ، عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ، عَنْ سَبْعَةٍ». [أخرجه ابن ماجه]
أمَّا الشَّاة من الضَّأن أو المعز فلا اشتراك فيها، وتُجزئ عن الشَّخص الواحد وعن أهل بيته مهما كثروا من باب التَّشريك في الثَّواب؛ لما رُوي عن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قالَ: سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ: كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله ﷺ ؟ فَقَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَتْ كَمَا تَرَى». [أخرجه الترمذي]
سِنّ الأضحية
من الشّروط المُعتبرة في الأضاحي أن تبلغ السَّن المقررة شرعًا، والسن الشرعية تختلف باختلاف نوع الأضحية من بهيمة الأنعام.
• فيجزئ من الضأن (الخروف) ما بلغ ستة أشهر فأكثر.
• ومن الماعز ما بلغ سنة فأكثر.
• ومن البقر والجاموس ما بلغ سنتين فأكثر.
• ومن الإبل ما بلغ خمس سنين فأكثر.
يستوي في ذلك الذَّكر والأنثى؛ لقول سيدنا رَسُول اللهِ ﷺ: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ». [أخرجه مُسلم]
أمَّا المَعلُوفة -وهي التي للتَّسمين- فلا يُشترط لها بلوغ السّنّ المقررة -على المختار للفتوى- إنْ كَثُرَ لحمُها في مدة أقل، كبلوغ البقرة المعلوفة 350 كجم فأكثر في أقل من عامين.