لماذا لم يضحي أبو بكر وعمر؟.. حقيقة تركهما للأضحية والسر وراء ذلك

لماذا لم يضحي أبو بكر وعمر؟، سؤال يكثر البحث عن حقيقته، خاصة وأن الأضحية من السنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل تركها الصديق والفاروق، وحكم تارك تلك السنة؟.
هل ترك أبو بكر وعمر سنة الأضحية؟
الأضحية سنة مؤكدة تُحيي في النفوس معاني التقوى، وتربط القلوب بربها، وتُجدد ذكرى خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام في أعظم صور الإيمان والطاعة، يقول الدكتور علي محمد الأزهري، عضو هيئة التدريس بقسم العقيدة والفلسفة، كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف، إن الأضحية سنة مؤكدة كما فى الحديث الذى رواه الترمذى وابن ماجه عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما عمل ابن آدم يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض، فطيبوا بها نفسًا.
وأضاف، أن كل من سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه وسيدنا الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه تركا سنة الأضحية حتى لا يظن الناس أنها واجبة عليهم كما نقل ذلك الإمام الطحاوى.
وتابع «الأزهري» في بيان حكم تارك الأضحية: بالتالى فمن تركها لا يأثم عليها، ومن فعلها أثيب عليها، والقول بالاقتراض من أجل الأضحية هذا فيه كلفة ومشقة والله تعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وقد يموت المقترض قبل الوفاء بقرضه لذلك، فالاقتراض هنا يعد مغالاة ومخالفة للسنة إن أخذنا بضوابط الأضحية فلا تجب إلا على الموسر كما جزم بذلك الحنفية.
حُكم الأضحية وحِكمة تشريعها
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الأضحية سُنَّةٌ مُؤكدة، وهو الرَّاجح، واستدلوا بحديث سيدنا رسول الله ﷺ: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا» أخرجه مسلم، فقوله ﷺ: «وأراد أحدكم» دليل على سنية الأُضْحِية وعدمِ وجوبها، وذهب الإمامُ أبو حنيفة رحمه الله إلى أنها واجبة على المقيمين الموسرين.
أما إن كانت الأضحية منذورة، فقد اتَّفَقَ الفقهاء على أن من نذر أن يضحيَ فإنه يجب عليه الوفاء بنذره، سواءٌ أكان النَّذر لأضحيةٍ معيَّنة، أم غير معيَّنة.
وحِكَمِ تشريعها كثيرة، منها:
▪ شُرعت الأضحية شكرًا لله على نعمهِ، وتقرّبًا إليه تعالى، واستجابةً لأمره.
▪ في الأُضْحِية توسعة على النّفس والأهل والمساكين، وصلةٌ للرحم، وإكرامٌ للضَّيف، وتودُّدٌ للجار، وصدقةٌ للفقير، وفيها تحدُّثٌ بنعمة الله تعالى على العبد.
▪ الأُضْحِية إحياءٌ لسنَّة سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصّلاة والسّلام حين أمره الله عز وجل بذبح الفداء عن ولده إسماعيل عليه الصّلاة والسّلام في يوم النّحر.
هل يجوز الاشتراك في الأضحية؟
يجوز الاشتراك في الأُضْحِية إذا كانت من الإبل أو البقر ويلحق به الجاموس فقط، وتجزئُ البقرة أو الجملُ عن سبعة أشخاص؛ لما روي عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «نَحَرْنَا بِالْحُدَيْبِيَةِ، مَعَ النَّبِيِّ ﷺ الْبَدَنَةَ، عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ، عَنْ سَبْعَةٍ». [أخرجه ابن ماجه]
أمَّا الشَّاة من الضَّأن أو المعز فلا اشتراك فيها، وتُجزئ عن الشَّخص الواحد وعن أهل بيته مهما كثروا من باب التَّشريك في الثَّواب؛ لما رُوي عن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قالَ: سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ: كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله ﷺ ؟ فَقَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَتْ كَمَا تَرَى». [أخرجه الترمذي]