عاجل

مشروعية التكبير الجماعي في العيدين.. دار الإفتاء توضح

تكبيرات العيد
تكبيرات العيد

التكبير الجماعي في العيدين وأيام التشريق عقب الصلوات المكتوبات مستحبٌّ شرعًا، بل هو من إظهار شعائر الله تعالى، وهو داخل في عمومات النصوص القرآنية والأحاديث النبوية.

تكبيرات العيد

ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم استحباب الجهر بتكبيرات العيد، سواء في ذلك التكبير المقيد الذي يقال بعد الصلوات المكتوبات أو التكبير المطلق الذي يكون في أيام شهر ذي الحجة وأيام التشريق، وقد مضى عليه المسلمون سلفًا وخلفًا من غير نكير، والقول ببدعيته قول باطل لا يُعوَّل عليه.

مشروعية التكبير الجماعي في العيدين

ونُنبِّه على ضرورة عدم جعل مثل هذه الأمور سببًا في الفتن والشقاق بين المسلمين في هذه الأيام المباركات؛ أيام الفرح، وكذلك على ضرورة اتباع الأمور التنظيمية الصادرة عن الجهات المختصة القائمة على أمر رعاية المساجد والإشراف عليها.

التكبير في العيد مندوب، ولم يَرِدْ في صيغة التكبير ولا هيئته شيء بخصوصه في السنة المطهرة، فالأمر فيه على السعة؛ لأنَّ النص الوارد في ذلك مطلق، وهو قوله تعالى: ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: 185]، والمُطْلَق يُؤخَذ على إطلاقه حتى يأتي ما يُقَيّده في الشرع؛ إذ من البدعة تضييق ما وسع الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا شرع الله سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق، وكان يحتمل في فعله وكيفية إيقاعه أكثر من وجه فإنه يُؤخَذ على إطلاقه وسعته، ولا يصح تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل.

ولا شك أنَّ التكبير في الجَمْعِ أظهر لشعائر الله تعالى، وأرجى للقبول، وأيقظ للقلب، وأجمع للهمة، وأدعى لاستشعار معناه؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَدُ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ» رواه الترمذي وحسنه، والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وقد مضى عمل المسلمين سلفًا وخلفًا على الجهر بالتكبير في عيد الأضحى من غير نكير، والطعن في مشروعية ذلك اتهام لعلماء الأمة بالجهل والضلال، وهو أمر ينأى عنه كل عاقل.

قال الإمام النووي في "المجموع" في سياق كلامه عن التكبير دبر الصلوات المكتوبات في الأضحى: [يستحب رفع الصوت بالتكبير بلا خلاف]

بل جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يدلّ على مطلق الجهر بالتكبير في العيدين؛ فعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: «أَمَرَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَنْ نَلْبَسَ أَجْوَدَ مَا نَجِدُ، وَأَنْ نَتَطَيَّبَ بِأَجْوَدِ مَا نَجْدُ، وَأَنْ نُضَحِّيَ بِأَسْمَنِ مَا نَجِدُ، وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْجَزُورُ عَنْ سَبْعَةٍ، وَأَنْ نُظْهِرَ التَّكْبِيرَ، وَعَلَيْنَا السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ» رواه البخاري في "التاريخ"، والحاكم في "المستدرك"، والطبراني في "المعجم الكبير". قال الحاكم في "المستدرك": لولا جهالة إسحاق بن بزرج لَحَكَمْتُ للحديث بالصحة، وقد تعقبه ابن الملقن والحافظ ابن حجر وغيرهما بأنه ليس بمجهول، بل وثَّقه ابن حبان.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يخرج يوم الفطر والأضحى رافعًا صوته بالتهليل والتكبير حتى يأتي المصلى. رواه الحاكم والبيهقي مرفوعًا وموقوفًا، ولكن صحح البيهقي وقفه، وقال الحاكم في "المستدرك" هذه سنة تداولها أئمة أهل الحديث، وصحت به الرواية عن عبد الله بن عمر وغيره من الصحابة.

استحباب الجهر بتكبيرات العيد

والثابت عن الصحابة رضي الله عنهم استحباب الجهر بتكبيرات العيد، سواء في ذلك التكبير المقيد الذي يقال بعد الصلوات المكتوبات أو التكبير المطلق الذي يبدأ من رؤية هلال ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق: ففي "صحيح البخاري" أن عمر رضي الله عنه كان يكبر في قبته بمنى، فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج مِنَى تكبيرًا، وهذا صريح في الجهر بالتكبير، بل وفي كونه جماعيًا؛ فإن ارتجاج منى لا يتأتى إلا بذلك، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"وهي مبالغة في اجتماع رفع الأصوات، وكذلك قال الحافظ العيني، والشوكاني في "نيل الأوطار"، وأصْرَحُ من ذلك رواية البيهقي في "السنن الكبرى": [فيسمعه أهل السوق فيكبرون؛ حتى ترتج منى تكبيرًا واحدًا، وفي "صحيح البخاري" تعليقًا: [أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهم كانا يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما اهـ، وهذا صريح في التكبير الجماعي.

وهذا الأثر الذي علقه البخاري وصله الفاكهي في "أخبار مكة" بلفظ "فيكبران فيكبر الناس معهما لا يأتيان السوق إلا لذلك". وروى ابن أبي شيبة في "المصنف". عن مسكين أبي هريرة قال: سمعت مجاهدًا، وكبر رجل أيام العشر، فقال مجاهد: "أَفَلَا رَفَعَ صَوْتَهُ، فَلَقَدْ أَدْرَكْتُهُمْ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُكَبِّرُ فِي الْمَسْجِدِ، فَيَرْتَجُّ بِهَا أَهْلُ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ يَخْرُجُ الصَّوْتُ إِلَى أَهْلِ الْوَادِي حَتَّى يَبْلُغَ الْأَبْطُحَ، فَيَرْتَجُّ بِهَا أَهْلُ الْأَبْطَحِ، وَإِنَّمَا أَصْلُهَا مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ. 

وروى الإمام مالك في "الموطأ" في باب تكبير أيام التشريق: عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج الغد من يوم النحر حين ارتفع النهار شيئًا فكبر، فكبر الناس بتكبيره، ثم خرج الثانية من يومه ذلك بعد ارتفاع النهار فكبر، فكبر الناس بتكبيره، ثم خرج الثالثة حين زاغت الشمس فكبر، فكبر الناس بتكبيره، حتى يتصل التكبير] اهـ. قال الإمام مالك: [الأمر عندنا: أن التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات، وأول ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الظهر من يوم النحر، وآخر ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الصبح من آخر أيام التشريق.

تم نسخ الرابط