موسم الحج.. هل يجوز التوجه إلى عرفات بدلا من منى يوم التروية؟

مع بدء موسم الحج المبارك ومع حرص حجاج بيت الله على الالتزام بالتعاليم والضوابط الصحيحة للحج يتساءل بعض الحجاج حول جواز التوجه إلى عرفات يوم الثامن من ذي الحجة أو يوم التروية بدلا من التوجه إلى منه
وحول هذا السؤال قالت دار الإفتاء، إنه يجوز للحاج التوجه إلى عرفات في الثامن من ذي الحجة - يوم التروية -، ولا حرج عليه في ذلك؛ لأن التوجه إلى منًى في ذلك اليوم سُنَّةٌ.
وأكدت دار الإفتاء أن يوم الثامن من ذي الحجة هو يوم التروية، وسمِّي بذلك لأن الحجيج كانوا يستريحون فيه في مِنًى ويُرِيحون فيه دوابهم وهَديهم ويروونها بالماء في طريقهم إلى عرفة؛ استعدادًا لأعمال هذا اليوم العظيم وما بعده من أعمال يوم النحر وأيام التشريق.
وأضافت أنه يُسَنُّ فقط -ولا يجب- للحاج أن يذهب فيه إلى مِنًى في الضحى، ويصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء مع قصر الصلاة الرباعية فقط وبدون جمع، ويبيت فيها ليلة عرفة، ثم يصلي فيها الفجر وينطلق إلى عرفة في الضحى أيضًا، فإن فعل خلاف هذا وذهب إلى عرفة من يوم الثامن خوفًا من الزحام فلا شيء عليه وحجه صحيح، غاية الأمر أنه قد ترك مستحبًّا، بل وتركه لعذر، فعسى أن يأخذ ثواب الشيء الذي لولا العذر لفعله، وإنما الجبران يكون بترك الواجب لا السنة.

لماذا سمي يوم التروية بهذا الاسم؟
مع حلول الثامن من شهر ذي الحجة كل عام، يستعد المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، وخاصة الحجاج في الأراضي المقدسة، لاستقبال واحد من أعظم أيام الحج، وهو يوم التروية. في هذا اليوم المبارك، يبدأ ضيوف الرحمن أولى خطواتهم الفعلية في أداء مناسك الحج، متوجهين إلى مشعر منى، اقتداءً بهدي النبي محمد ﷺ، حيث يمكثون فيه ويبيتون، استعدادًا للصعود إلى صعيد عرفات في اليوم التالي، وهو الركن الأعظم من أركان الحج.
ويُسمى يوم التروية بهذا الاسم لأن الحجاج في القديم كانوا يتروّون الماء، أي يحملونه معهم من مكة المكرمة إلى مشعر منى، تحسبًا لانعدام المياه في تلك البقاع الجافة، خاصة وأنها كانت مناطق غير مأهولة ولا تتوفر فيها مصادر للمياه بشكل دائم. كما يرى بعض العلماء أن الاسم جاء من تروّي الحجاج وتفكرهم في شعائر الحج التي سيؤدونها، وتروّيهم بالنية الصادقة لما هو قادم من مشاق وطاعات.
أعمال يوم التروية:
- الإحرام بالحج:
إذا لم يكن الحاج قد أحرم بعد بالحج، فيُستحب أن يُحرم صباح هذا اليوم من مكانه، سواء في مكة أو غيرها، وينوي الدخول في النسك ويقول: “لبيك حجًا”. - الانطلاق إلى منى:
بعد الإحرام، يتوجه الحجاج إلى مشعر منى، حيث يُسن لهم أداء صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفجر اليوم التاسع (يوم عرفة) قصرًا بلا جمع، تأسّيًا بفعل النبي ﷺ. - المبيت بمنى:
المبيت في منى في يوم التروية سنة مؤكدة، ويُفضل التزام الحاج بها ما أمكن، إلا أن تركها لا يُبطل الحج، ويجبر بدم في بعض المذاهب.
كما يُستحب للحجاج في هذا اليوم الإكثار من الذكر، التلبية، الدعاء، وقراءة القرآن، فهو يوم تهيئة للنفوس، وبدء فعلي لرحلة الطهر والتجرد من الدنيا، استعدادًا لأعظم يوم، يوم عرفة.
وتمثل هذه المرحلة من مناسك الحج بداية الرحلة الإيمانية الكبرى التي ينتقل فيها الحاج من حال إلى حال، طمعًا في مغفرة الله ورضوانه، وسعيًا للعودة إلى أهله كيوم ولدته أمه، طاهر القلب، مغفور الذنب

دعاء يوم التروية:
“اللهم في يوم التروية اروِ قلوبنا بالإيمان، واغسل ذنوبنا بماء التوبة، وبلّغنا عرفات سالمين، واقسم لنا فيه من الرحمة والمغفرة والعتق من النيران. اللهم اجعل حجّنا مبرورًا، وذنبنا مغفورًا، وسعينا مشكورًا، اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بسوء ما عندنا.”
“اللهم يسّر لنا في هذا اليوم المبارك أداء المناسك، وثبّت أقدامنا، وأعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم اجعلنا من الواقفين بعرفة، ومن المرحومين في مزدلفة، ومن الفائزين بجنتك ورضوانك.
“اللهم اجعل هذا اليوم فاتحة خير، وساعة قبول، وأكتب لنا فيه القبول في الدنيا والآخرة، واغفر لنا ولوالدينا ولأحبابنا أجمعين.