عشيرة صدام حسين تبحث عن مرشح وسط انقسام داخلي وحذر سياسي

تسعى عشيرة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين إلى ترشيح ممثل عنها لخوض الانتخابات البرلمانية المقررة في نهاية عام 2025، وسط تحفظات داخلية بارزة من شخصيات مؤثرة داخل العشيرة.
ويأتي هذا التحرك في وقت تشهد فيه محافظة صلاح الدين حراكاً غير مسبوقاً من قبل فصائل مسلحة تسعى لاستقطاب الناخبين، ما يضيف تعقيدات جديدة إلى المشهد السياسي في المنطقة.
عداء ضد عشيرة «البو ناصر»
كانت عشيرة البو ناصر، تمتنع عن ترشيح نواب يمثلونها صراحة في البرلمان بسبب العداء المشحون ضدها منذ سنوات، إلى جانب القلق من تعرضهم لمحاولات "نبش الماضي" من قِبل جماعات متنفذة في بغداد.
في الوقت نفسه، لا تزال عائلات بارزة في العشيرة غير قادرة على العودة إلى قرية العوجة التابعة لمحافظة تكريت، حيث وُلد صدام حسين؛ نظراً لأن المنطقة تخضع لسيطرة اللواء 35 التابع لـ "الحشد الشعبي".
شهدت محافظة صلاح الدين، شمال العاصمة بغداد، خلال الأسبوع الماضي، تطورات لافتة تحمل دلالات سياسية قد تشكل مدخلًا لفهم ملامح الخريطة الانتخابية المرتقبة. فقد تزامن حدثان بارزان في المحافظة ذات الغالبية السنية، يعكسان حراكاً سياسياً متسارعاً قبيل انتخابات عام 2025.
الحدث الأول تمثل في زيارة قيس الخزعلي، أمين عام "عصائب أهل الحق"، إلى مدينة تكريت، مركز المحافظة، حيث التقى عدداً من مشايخ ووجهاء المدينة، وسط جدل واسع أُثير حول نيته الدخول في تحالف محتمل مع عشيرة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
في المقابل، أفادت مصادر مقرّبة من شيوخ العشيرة بأن اجتماعات عُقدت بين وجهاء بارزين من عشيرة صدام، لبحث إمكانية الدفع بمرشح يمثلها في مجلس النواب المقبل. إلا أن هذه الاجتماعات لم تُفضِ إلى توافق واضح، في ظل تباين الآراء والانقسامات الداخلية.
ووفقاً للمصادر، فإن "عدداً من العائلات داخل العشيرة ما تزال مترددة في خوض غمار هذه التجربة السياسية، خوفاً من أن يؤدي التنافس الانتخابي إلى نتائج عكسية تُفضي إلى تآكل ما تبقى من حضور العشيرة في المشهد العام، وتحول المشاركة إلى ما يشبه حبل مشنقة سياسي".
ويقول تيار في عشيرة صدام إن محاولة إعادة التموضع ضرورية لحل مشكلات مزمنة يعانون منها، أقلها عودتهم إلى معقلهم في العوجة، لكن تياراً آخر يدفع باتجاه الابتعاد عن المسرح؛ لأن الضريبة التي ستدفعها العشيرة من وجود نواب يمثلونها "ثقيلة لا يستطيع أحد دفعها".
ويميل مراقبون إلى الاعتقاد بأن الوقت مبكر جداً على اندماج عشيرة صدام بنجاح في العملية السياسية، من خلال تحالفات مع قوى شيعية.
مع ذلك، يرى المتحدث باسم مجلس شيوخ صلاح الدين، مروان الجبارة، أن "(البو ناصر) يحاولون تغيير أوضاعهم من خلال المشاركة السياسية، وإن كانت رمزية حتى الآن".
وقال الجبارة، إن "العشيرة تفكر في الانخراط في العراق دون صدام حسين، مدفوعين ربما بالتفكير في مستقبل منطقتهم والعودة إليها، باعتبار أنهم يعيشون خارجها وغير مسموح لهم بالعودة"، لكن الأمر ليس سهلاً على الإطلاق.
وأضاف الجبارة أن "عشيرة صدام لا تمتلك حاضنتها السكانية والشعبية".
وأفادت مصادر بأن الكتلة التصويتية لهذه العشيرة بالكاد تلبي أصوات مقعد واحد، أو مقعدين في أفضل الأحوال، ولو حدث أن شاركت العشيرة في الانتخابات فإنها تتنافس على مركز تكريت؛ نظراً لسيطرة فصيل "سرايا السلام" على مدينة سامراء، و"كتائب حزب الله" على مدينتي بلد والضلوعية.
وفي تكريت يتوزع الجمهور السني بين استقطاب قبلي، وهي إلى جانب عشيرة صدام حسين، عشائر الجبور وطي والبو عيسى.
الجولات الانتخابية
وخلال الجولات الانتخابية شاركت هذه العشائر في تحالفات متحركة، ولم تكن عشيرة صدام طرفاً فيها، ورغم ذلك، تفكر العشيرة في الاندماج السياسي، ويرجّح الجبارة أن "لديها الآن مرشحاً للانتخابات المقبلة".
"العصائب" في تكريت
بعد لقاء الخزعلي بشخصيات من تكريت اشتعل جدل واسع؛ وتعرض زعيم "العصائب" لانتقادات من خصومه السياسيين، بدعوى أنه لجأ إلى التحالف مع "أقارب لصدام حسين" لدوافع انتخابية، في المقابل، تواجه شخصيات سنية اتهامات للعشيرة بأنها على وشك التحالف مع "فصائل شيعية"، وسارع تجمع قبلي في المحافظة إلى نفي التحالف من الأساس.
وجاء في بيان موقَّع باسم "عشائر تكريت": "نود أن ننفي بشكل قاطع ما تم تداوله بشأن دخول عشيرة البو ناصر في الانتخابات ضمن كتلة (صادقون) التابعة لقيس الخزعلي".
وأضافت العشائر في البيان: "نؤكد أن عشيرة البو ناصر لم تتخذ أي قرار بالمشاركة في الانتخابات مع الكتلة المذكورة، وأن أي تصريحات منسوبة إليها لا تمثل رأيها أو موقفها".
ويستبعد الجبارة انخراط "البو ناصر" مع "عصائب أهل الحق" أو أي جهة شيعية أخرى، فهم "يفضلون التحالف مع قوى محلية وازنة في صلاح الدين"، كما استبعدت مصادر مقرّبة من مجلس محافظة صلاح الدين إمكانية نجاح تحالف من هذا النوع.
وقال مصدر، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن "الشخصيات التي التقت الخزعلي لا تتمتع بثقل عشائري أو سياسي، وبالتالي فهي غير قادرة على منافسة القوائم المحلية، حتى في حال تحالفت مع الخزعلي".
وأضاف المصدر أن "عصائب أهل الحق"، رغم نفوذها الأمني في بعض المناطق، "لا تملك القدرة على تغيير اتجاهات التصويت؛ لأن السكان يصوّتون وفق شروط معروفة، لقوائم لا تضم شخصيات من خارج السياق المحلي وجهة مسلحة".
والحال، أن "العصائب" بدأت حملتها الانتخابية مبكراً في صلاح الدين؛ إذ أفادت مصادر محلية بأن الفصيل الشيعي يتحرك لاستقطاب آلاف الشباب من خلال وظائف مدنية وأمنية على أمل بناء كتلة تصويتية في صلاح الدين.
وجاءت هذه التحركات بعد إعلان صهر الرئيس الراحل، جمال مصطفى، قيادة حركة تحمل شعار "الإصلاح والتغيير" ضمن إطار "التجمع الوطني العراقي".
وكان رئيس البرلمان الأسبق، محمود المشهداني، ألمح في وقت سابق إلى إمكانية ترشيح رغد صدام حسين للانتخابات، على خلفية أنها "غير منتمية إلى حزب البعث"، وأن القانون لا يحظر ترشيحها.