عاجل

تحذير من موضة لصق الفم: دراسة كندية تكشف خطر اختناق أثناء النوم

لصق الفم أثناء النوم
لصق الفم أثناء النوم

مع انتشار موجات "الترندات الصحية" عبر وسائل التواصل الاجتماعي واعتماد المشاهير على ممارسات جديدة بدعوى تحسين جودة النوم أو تعزيز الصحة العامة، برزت مؤخراً عادة مثيرة للجدل تُعرف باسم "لصق الفم أثناء النوم"، وهي ممارسة تهدف إلى إجبار الشخص على التنفس عبر الأنف بدلاً من الفم، من خلال إغلاق الفم بلاصق طبي خلال النوم، وبينما يروّج لها باعتبارها حلاً للشخير ومفتاحاً لنوم عميق ومريح، جاءت دراسة حديثة من كندا لتدق ناقوس الخطر، محذّرة من مضاعفات قد تكون قاتلة.

ما هي عادة لصق الفم؟

تقوم هذه التقنية ببساطة على وضع شريط لاصق على الفم قبيل النوم، بهدف منع التنفس الفموي وتشجيع الجسم على الاعتماد الكامل على التنفس الأنفي. ويروّج ممارسوها أنها تساهم في تقليل الشخير وتحسين مستوى الأوكسجين في الدم، بل ويزعم البعض أنها تُحسّن من مظهر الوجه وتزيد من التركيز والطاقة في النهار. غير أن الدراسة الحديثة الصادرة عن معهد "لوسون للأبحاث الصحية" في كندا، كشفت عن جوانب مقلقة لهذه العادة الآخذة في الانتشار.

 بيانات صادمة من 10 دراسات

اعتمد الباحثون في معهد لوسون على تحليل بيانات مستخلصة من عشر دراسات سابقة تناولت تأثير لصق الفم على عملية التنفس الليلي وجودة النوم. وبيّنت النتائج أن استخدام هذه التقنية من دون إشراف طبي قد يؤدي إلى خطر الاختناق أثناء النوم، لا سيما لدى الأشخاص الذين يعانون من انسداد جزئي أو كلي في المجاري التنفسية الأنفية، مثل المصابين بانحراف الحاجز الأنفي، التهاب الجيوب الأنفية، أو الحساسية الموسمية.

النتائج كانت صادمة، إذ كشفت أربع دراسات من أصل عشر عن وجود حالات اختناق ليلي حاد، يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تهدد حياة المريض. ورغم أن هذه الحالات قد لا تكون شائعة، فإن وجودها كاحتمال قائم يكفي لتسليط الضوء على مخاطر هذه العادة التي تم تبنيها بناءً على توصيات غير علمية ومن دون تقييم طبي.

فعالية مشكوك بها رغم الضجيج الدعائي

من أبرز ما كشفت عنه الدراسة هو محدودية الفوائد المزعومة التي يروج لها مستخدمو هذه التقنية، فقد أكدت النتائج أن 80% من الدراسات لم ترصد أي تحسن ملحوظ في حالات الشخير أو انقطاع النفس النومي لدى المستخدمين. بل إن دراستين فقط أشارتا إلى تحسن طفيف في حالات انقطاع النفس الخفيف، ما يُضعف حجة المدافعين عن هذه الممارسة.

وفي هذا السياق، قال الدكتور براين روتنبرغ، أخصائي الأنف والأذن والحنجرة وأحد معدّي الدراسة:"هذه الظاهرة الصحية الجديدة جذبت الانتباه لأنها مدعومة من مشاهير وشخصيات مؤثرة على الإنترنت، لكنها في الحقيقة لا تستند إلى قاعدة علمية قوية، بعض الأشخاص قد يحققون نتائج مؤقتة، لكن ذلك لا يعني أن التقنية آمنة أو فعالة على المدى البعيد، لا سيما إذا استُخدمت بشكل عشوائي ومن دون تشخيص طبي دقيق."

مَن هم الأكثر عرضة للمخاطر؟

حدّدت الدراسة الفئات الأكثر عرضة للخطر عند اتباع هذه العادة، وهم الأشخاص الذين يواجهون صعوبات في التنفس الأنفي، مثل المصابين بالتهاب الأنف التحسّسي، أو أولئك الذين يعانون من انحراف الحاجز الأنفي أو الزكام الموسمي، لدى هؤلاء، يكون التنفس الفموي خياراً ضرورياً أثناء النوم، وبالتالي فإن إغلاق الفم قد يُحدث اضطرابًا في تدفق الأوكسجين، ما يضاعف من احتمالية توقف التنفس أو حتى الإصابة باختناق مفاجئ.

كما أشار الباحثون إلى أن تفاقم حالات انقطاع النفس النومي نتيجة لصق الفم قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ويؤثر على الوظائف الدماغية، ويرتبط بارتفاع نسب الإصابة بالخرف والتدهور المعرفي مع مرور الوقت.

تحذير واضح: لا تلجأ إلى الحلول الرائجة قبل الفحص الطبي

خلصت الدراسة إلى توصية صريحة بعدم استخدام لصق الفم كوسيلة لتحسين النوم أو علاج الشخير من دون إشراف طبي متخصص. وأكدت أن اللجوء إلى هذه الممارسة بناءً على معلومات متداولة عبر الإنترنت أو نصائح مؤثرين، قد يؤدي إلى نتائج عكسية تُهدد صحة الإنسان وسلامته.

ودعا الباحثون إلى ضرورة نشر الوعي بمخاطر هذه العادة، وتشجيع الأفراد على استشارة الأطباء المتخصصين في اضطرابات النوم عند مواجهة مشكلات مزمنة في التنفس أو النوم. كما طالبوا بإجراء المزيد من الأبحاث العلمية المستقلة، لتقييم فعالية التقنية من جهة، وتحديد حدود استخدامها الآمن من جهة أخرى.

بين الترندات والحقائق العلمية

في خضم سعي الإنسان الدائم نحو تحسين جودة حياته والبحث عن حلول سريعة لمشكلاته الصحية، تظهر بين الحين والآخر "صيحات صحية" تبدو في ظاهرها واعدة، لكنها في الواقع تفتقر إلى الأسس العلمية. لصق الفم أثناء النوم قد يبدو بسيطًا وغير مضر، لكنه في الحقيقة قد يخفي خطرًا كبيرًا على بعض المستخدمين.

الخطوة الأولى نحو نوم آمن وعميق ليست في شريط لاصق، بل في زيارة عيادة مختصة، وإجراء فحص تنفسي شامل، للحصول على توصيات علمية مبنية على تقييم حقيقي للحالة الصحية. فالصحة لا تُدار بالصدفة، ولا بالموضه

تم نسخ الرابط