هل يجوز الصوم بدون صلاة في شهر رمضان؟.. الإفتاء تجيب

يعد الصوم أحد أركان الإسلام الخمسة التي فرضها الله تعالى على المسلمين، وهو العبادة التي يقوم فيها المسلمون بالامتناع عن الطعام والشراب وكل ما يفسد الصوم منذ الفجر وحتى غروب الشمس.
ويُعد رمضان شهرًا عظيمًا ومميزًا في حياة المسلمين، ويتطلب من المسلم التزامًا كبيرًا بالصيام والصلاة والأعمال الصالحة، لكن مع اقتراب شهر رمضان، يطرح البعض تساؤلات حول ما إذا كان يمكن للمرء أن يصوم في هذا الشهر الكريم بدون أن يؤدي الصلاة، وخاصة إذا كانت لديه بعض التهاونات في أداء الصلاة.
"نيوز رووم" في هذا التقرير، تتناول موضوع "هل يجوز الصوم بدون صلاة في رمضان؟"، و تبحث في الجوانب الدينية المتعلقة بالصيام والصلاة، مع توضيح حكم الصوم بدون صلاة في ضوء الشريعة الإسلامية، وذلك حسبما ذكرت دار الإفتاء المصرية عبر حساباتها الرسمية.
أهمية الصلاة في الإسلام
قبل الحديث عن جواز الصوم بدون صلاة، لابد من التطرق إلى مكانة الصلاة في الإسلام .. فالصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وهي العبادة التي فرضها الله سبحانه وتعالى على المسلمين في مكة المكرمة قبل فرض الصيام، حيث أن الصلاة واجبة على كل مسلم، بالغ، عاقل، ذكر كان أو أنثى، وقد فرضت الصلاة في مكة قبل هجرة النبي محمد إلى المدينة المنورة في السنة الثانية قبل الهجرة، وذلك أثناء الإسراء والمعراج، قال تعالى في كتابه الكريم: "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ" [البقرة: 43].
الصلاة هي العبادة التي تُؤدى يوميًا خمس مرات في اليوم، وهي عمود الدين وأساسه. وقد جاء في الحديث النبوي الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله" [رواه الترمذي]. هذا يدل على أن الصلاة تحتل مكانة عظيمة في الإسلام، ولها تأثير كبير على المسلم في تقوية إيمانه وتنمية علاقته بالله عز وجل.
حكم الصوم والصلاة في الإسلام
الصوم والصلاة كلاهما عبادات مفروضة على المسلم. أما الصوم في شهر رمضان فهو فريضة يجب على كل مسلم بالغ عاقل أن يؤديها إذا توفرت فيه الشروط. والصلاة أيضًا فريضة يجب على المسلم أداؤها بشكل يومي في أوقاتها، وهي أحد أهم أركان الإسلام التي لا يجوز التهاون فيها.
الصلاة لا تقتصر فقط على كونها عبادة يومية، بل هي أيضًا شرط من شروط صحة الإيمان، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" [رواه مسلم]. وهذا الحديث يشير إلى أن ترك الصلاة يُعتبر كفرًا، ولذلك فهي تعد من أصول الإسلام ولا يجوز إهمالها أو التهاون فيها.
حكم الصوم بدون صلاة في رمضان
من الأمور التي تشغل بال العديد من المسلمين هي مسألة الصوم بدون أداء الصلاة في رمضان. والإجابة على هذا السؤال تتطلب فهمًا دقيقًا لما تعنيه الصلاة في الإسلام وما هي علاقة الصلاة بالصوم.
الصوم لا يُقبل إذا ترك الشخص الصلاة عمداً
في الإسلام، يعتبر ترك الصلاة عمدًا من الكبائر، وهو يُعد جريمة دينية كبيرة. وقد جاء في الحديث النبوي: "من ترك الصلاة فقد كفر". لذلك، إذا كان الشخص لا يصلي ولكنه يصوم في شهر رمضان، فإن صومه لا يُقبل، لأن ترك الصلاة يُعتبر كفرًا، والصوم لا يكون صحيحًا إلا مع إيمان كامل. فالشخص الذي يترك الصلاة عمدًا يُعتبر قد خرج عن دائرة الإيمان، وبالتالي لا يُقبل صومه في هذا الحال.
حالة الشخص الذي يترك الصلاة جهلاً أو تقاعسًا
إذا كان الشخص لا يصلي بسبب جهل أو تقاعس، أي أنه ليس في قلبه إنكار لفرضية الصلاة، فيُعتبر في هذه الحالة مسلمًا ولكنه يرتكب كبيرة من الكبائر بترك الصلاة. ومع ذلك، فإن صومه في هذه الحالة يُعتبر صحيحًا من الناحية الفقهية، رغم أن ترك الصلاة يؤثر على العلاقة الروحية مع الله. لذا، من الأفضل أن يسعى هذا الشخص لتصحيح تقاعسه والقيام بالصلاة بشكل منتظم والاعتراف بأهمية الصلاة في حياته. ولكن لا ينبغي أن يتخيل الشخص أنه يمكنه أن يظل في حالة التهاون مع الصلاة ويعتمد فقط على صيامه في رمضان.
تأثير ترك الصلاة على الحالة الروحية للصائم
مع أن صوم من يترك الصلاة عمداً يُعتبر غير مقبول من الناحية الإيمانية، فإن عدم أداء الصلاة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الروحانية والشعور بالقرب من الله تعالى. فعندما يُترك أمر من الأمور المفروضة مثل الصلاة، فإن هذا يُفقد المسلم جزءًا من العبادة الروحية التي تمنح قلبه الطمأنينة والإيمان. كما أن الصلاة هي التي تغذي القيم الروحية للمسلم وتعزز من عبوديته لله، وبالتالي تأثير ترك الصلاة يكون كبيرًا على الاستمرارية في عبادة الله.
كيفية تحسين العلاقة مع الله في رمضان لمن يترك الصلاة
يعد رمضان فرصة مثالية لإصلاح العلاقة مع الله. حتى لو كان الشخص لا يؤدي الصلاة بانتظام، يجب عليه أن يتذكر أن رمضان هو شهر المغفرة والرحمة. يمكن لهذا الشخص:
التوبة الصادقة: يجب على المسلم الذي لا يصلي أن يتوب إلى الله توبة نصوحًا، وأن يعترف بتقصيره في حق الله. يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "وَقُل لِلَّذِينَ آمَنُوا يَعْمَلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّنَا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَن أَحْسَنَ عَمَلًا" [الكهف: 30].
القيام بالصلاة في رمضان: يمكن أن يبدأ الشخص بأداء الصلاة خلال رمضان بشكل تدريجي، وذلك بالصلاة في الأوقات الخمسة، وأداء الفروض والنوافل التي تقربه من الله.
التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة: يمكن للمرء أن يعوض نقص الصلاة بأداء العديد من الأعمال الصالحة مثل الصدقة، الدعاء، قراءة القرآن، والذكر.
التعاون مع الأصدقاء الصالحين: محاولة مصاحبة أهل الخير يمكن أن تكون حافزًا للشخص للالتزام بالصلاة والعبادات في رمضان.