رجع كيوم ولدته أمه.. كيف نجدد إيماننا ونسقط ذنوبنا في الحج؟

يتوافد حجاج بيت الله الحرام على مكة المكرمة لأداء مناسك الحج لعام 1446 هجريا، ويكثر مع ذلك البحث عن كيفية عودة الحاج كيوم ولدته أمه كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وفي السطور التالية نوضح.
ما المقصود من أداء الحج؟
يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن القصد من الحج أن نعبد الله وحده لا شريك له ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:56]، ولذلك نحرر أموالنا، وننفق من أحسنها حتى يتقبل الله منا.

التلبية والتخلية ومعناهما
وتابع: نُلبّي ونقول له: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك»، نُعلن التوحيد في العالمين، وعلى رؤوس الأشهاد، ونُخلّي قلبنا من كل قبيح، ونملؤه بعونه تعالى وبإذنه بكل صحيح، فيتم لنا التخلي، ثم التحلي، حتى يحدث فيه التجلي من أنوار الله، وكشف الأسرار، ورفع الأستار، حتى نعبد الله كأننا نراه فإن لم نصل إلى ذلك فهو يرانا.
وأردف: «عباد الله هذه رحلة عبادة، وليست رحلة ترفيه، بل إننا نتحمل فيها المشاق، ونقاوم فيها هوى أنفسنا، ونكتم شهواتنا، وندعو الله أن يجعل الدنيا في أيدينا لا في قلوبنا، ونذكر الله فيها ذكرًا كثيرا، بكرةً وأصيلا، هدف هذه الرحلة أن نعود منها وقد تغيّرنا إلى الأحسن، وأن نبدأ صفحةً جديدةً مع الله».
كيف نجدد إيماننا في الحج؟
وأشار إلى النبي ﷺ كان يقول لأصحابه وللأمة من بعدهم: «جددوا إيمانكم» قالوا: كيف نجدد إيماننا يا رسول الله؟ قال: «قولوا لا إله إلا الله» جعل لنا الصلاة حتى يغفر لنا قصورنا، وتقصيرنا بين الصلاتين، وجعل لنا يوم الجمعة، وجعل لنا شهر رمضان، وجعل لنا العمرة بعد العمرة، وجعل لنا الحج بعد الحج، ويغفر الله سبحانه وتعالى للحجيج بعموم مغفرةٍ لا تدع ذنبًا، حتى كأنك تعود كيوم ولدتك أمك، بدايةٌ جديدةٌ مع الله، هدف هذه الرحلة أن نلجأ إلى الله، نتوسل إليه بأسمائه الحسنى، أن ندعوه، لأن «الدعاء هو العبادة» كما قال سيدنا ﷺ.

الحج الأكبر
الحج اشتمل على كل العبادات على الشهادتين، على الصلاة ففيه صلاة، على النفقة المالية، على الكفارات، على النذور، على الصيام، وأضاف فوق ذلك الطواف، والسعي، والوقوف، والرمي، والإحرام فحق أن يُسمى بالحج الأكبر، فالحج أيامٌ مباركة ينبغي علينا أن ندرك مبناها ومعناها، أن ندرك هدفها، وأنها عبادة، وأن فيها مشقة، وأننا نريد أن نذكر الله كثيرًا، وأن ندعوه بكرةً وأصيلًا، وأن نعود وقد تغيّر حالُنا إلى أحسن حال ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد:11]، نريد عندما نركب ونقول له «لبيك اللهم لبيك» ونُهل بالحج ينادى في الملأ الأعلى «لبيك وسعديك» ولا نكون من أولئك الذين يقال عنهم في الملأ الأعلى «لا لبيك ولا سعديك حجك مردودٌ عليك».
واختتم قائلًا: «نعم نريد نظر الله، ومدد الله، نريد أن ينقلنا من دائرة سخطه إلى دائرة رضاه، فإذا ذهبت أيها الحجيج ممن منّ الله عليه فلبى نداء ربه، وأذان إبراهيم الأول فاذهب، وقل له يا رب لقد أحييتنا ألفًا وأربعمائة عام في هذا البلد الأمين الذي وصفته بالأمن والأمان ﴿ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ [يوسف:99]».
رجع كيوم ولدته أمه
جاء عن أبي هريرة قالَ: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقولُ: منْ حجَّ فَلَم يرْفُثْ، وَلَم يفْسُقْ، رجَع كَيَومِ ولَدتْهُ أُمُّهُ. متفقٌ عَلَيْهِ. وعَنْهُ أَنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ، قالَ: العُمْرَة إِلَى العُمْرِة كَفَّارةٌ لِمَا بيْنهُما، والحجُّ المَبرُورُ لَيس لهُ جزَاءٌ إلاَّ الجَنَّةَ. متفقٌ عليهِ.