بعد جدل الفطر.. هل تختلف وقفة عرفات والأضحى في مصر عن السعودية؟

يترقب المسلمون استطلاع هلال ذي الحجة وإعلان موعد عيد الأضحى بصورة شرعية خاصة مع إعلان الحسابات الفلكية أن الجمعة 6 يونيو المقبل هو أول أيام عيد الأضحى، فهل يتطابق الحساب الشرعي والفلكي أم يختلفا كما حدث في عيد الفطر الماضي، وهل يلزم موافقة عيد الأضحى في مصر والسعودية أم يمكن اختلافهما أيضا.

هل تختلف مصر والسعودية في رؤية هلال ذي الحجة؟
يستعرض موقع «نيوز رووم» في السطور التالية مع اقتراب موسم الحج 2025، الرأي الشرعي المعتمد في مصر بشأن رؤية هلال ذي الحجة ومدى إمكانية حدوث اختلاف بين مصر والسعودية في موعد العيد الكبير.
تؤكد دار الإفتاء المصرية أن هلال الشهر الهجري إنما يثبت لكل بلد برؤية أهله البصرية، خصوصًا إذا كان أهل البلد يستطيعون رؤية الهلال بوضوح، أو رؤيته في أقرب البلاد إليهم، أو بتحقق رؤيته في أي بلد إسلامي قريب من بلادهم، وذلك إذا قطع علماء الفلك بأن هذا آخر يوم من الشهر ويمكن رؤية الهلال؛ فإن قطع الحساب الفلكي بعدم طلوع الهلال أو باستحالة رؤيته فلا عبرة بالرؤية البصرية.
وشددت: «هذا باستثناء هلال ذي الحجة؛ فإن رؤيته تثبت وفقًا لما تقرره المملكة العربية السعودية وهي صالحة لكل العالم؛ إذ جميع المناسك الخاصة بالحج تقام على أرضها وليس معقولًا أن يخالفها بلد إسلامي فيما تقرره في هذا الشأن.
موعد عيد الأضحى 2025 فلكيا
أعلن المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية أن الحسابات الفلكية تشير إلى أن غرة شهر ذو الحجة لعام 1446هـ ستوافق يوم الأربعاء 28 مايو 2025، وذلك بعد حدوث الاقتران مباشرة في تمام الساعة 5:03 فجرًا بتوقيت القاهرة المحلي يوم الثلاثاء 27 مايو، الموافق 29 من شهر ذو القعدة.
وأوضحت الحسابات أن الهلال الجديد سيبقى في سماء مكة المكرمة لمدة 38 دقيقة عقب غروب الشمس في يوم الرؤية، بينما يظهر في سماء القاهرة لمدة 47 دقيقة، وتتراوح مدة بقائه في باقي المحافظات المصرية ما بين 40 إلى 49 دقيقة، مما يُرجّح ثبوت رؤية الهلال.
وبناءً على تلك الحسابات، فمن المتوقع أن تكون وقفة عرفات يوم الخميس 5 يونيو 2025، ويليه أول أيام عيد الأضحى المبارك يوم الجمعة 6 يونيو 2025.
وفي حال اكتمال شهر ذو القعدة 30 يومًا بحسب الرؤية الشرعية، سيكون الجمعة 6 يونيو هو يوم وقفة عرفات، والسبت 7 يونيو أول أيام عيد الأضحى المبارك.
موعد إجازة عيد الأضحى 2025
تبدأ عطلة عيد الأضحى المبارك 2025 يوم الخميس 5 يونيو (وقفة عرفات) وتستمر من أول أيام عيد الأضحى المبارك 6 يونيو إلى يوم الاثنين 9 يونيو أي مدة 5 أيام متتالية.

حكم صلاة العيد
يقول مركز الأزهر العالمي للفتوى الإليكترونية إن صلاة العيد شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، شرعها الله سُبحانه وتعالى؛ لاجتماعِ وتلاقي المسلمين، وتأكيدِ وحدتهم، وتعاونِهم على الطَّاعة والعبادة، وهي سنة مؤكدة عن سيدنا رسول الله ﷺ. والأصل فيها أنها تُصلّى في الساحات والمساجد الجامعة؛ ولكن إن حال وباء كورونا دون تأديتها في الساحات جماعةً كما هو الحال هذا العيد؛ فإنه يجوز للمسلم أن يؤديها في منزله جماعة مع أهل بيته أو منفردًا بغير خطبة، على هيئتها المعلومة، وفي وقتها المعلوم، وحكمها في هذه الحالة كحكم من فاتته صلاة العيد فصلاها في بيته.
ويدل على جواز ذلك ما ورد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: «أَنَّهُ كَانَ يَكُونُ فِي مَنْزِلِهِ بِالزَّاوِيَةِ، فَإِذَا لَمْ يَشْهَدِ الْعِيدَ بِالْبَصْرَةِ جَمَعَ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ وَمَوَالِيَهُ، ثُمَّ يَأْمُرُ مَوْلَاهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُتْبَةَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ» [صحيح البخاري (2/ 23) معلقًا مجزومًا، ومصنف عبد الرزاق الصنعاني (3/ 332) حديث 5855].
وقال الشبراملسي في حاشيته على نهاية المحتاج: «وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْجَمَاعَةُ فِيهَا، وَأَنَّهَا لَا تَجِبُ اتِّفَاقًا» [نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (2/ 386) بحاشية الشبراملسي وحاشية الرشيدي].
وإذا كانت صلاة العيد تصح في البيت فإنها لا تصح خلف مذياع أو تلفاز أو بث إلكتروني مباشر؛ لأن صلاة الجماعة لا تتحق إلا إذا كان المأمومون مع إمامهم في مكان واحد أو مكان متصل به، وهذا القدر يكاد يكون متفقًا عليه بين جمهور العلماء وعامة الفقهاء، وهذا ما دلت عليه ظاهر النصوص من القرآن الكريم، والسنة النبوية، وعمل الصحابة والتابعين.
يقول الله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102]. فقوله {مَعَكَ} ظاهر في المراد.
ويقول سيدنا رسول الله ﷺ: «صَلَاةُ الجَمِيعِ تَزِيدُ علَى صَلَاتِهِ في بَيْتِهِ، وصَلَاتِهِ في سُوقِهِ، خَمْسًا وعِشْرِينَ دَرَجَةً، ... » [متفق عليه]. وظاهر لفظ «الجميع» في الحديث هو الاجتماع.
قال الإمام ابن مازَة رحمه الله تعالى: «واختلاف المكان يمنع صحة الاقتداء» [المحيط البرهاني لابن مازة (1/ 416)].
وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى: «وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، أَوْ كَانَا -أي الإمام والمأموم- جَمِيعًا فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ، صَحَّ أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مُسَاوِيًا لِلْإِمَامِ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ، كَثِيرًا كَانَ الْعُلُوُّ أَوْ قَلِيلًا، بِشَرْطِ كَوْنِ الصُّفُوفِ مُتَّصِلَةً وَيُشَاهِدُ مَنْ وَرَاءَ الْإِمَامِ، ...إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ مَعْنَى اتِّصَالِ الصُّفُوفِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا بُعْدٌ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ، وَلَا يَمْنَعُ إمْكَانَ الِاقْتِدَاءِ» [المغني لابن قدامة (2/ 152)].
بالإضافة إلى النُّصوص الواردة في الأمر بتسوية صفوف صلاة الجماعة، وسدِّ فُرَجِها، والتي منها قول سيِّدنا رسول الله ﷺ: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ؛ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاةِ» [مُتفق عليه].
وكل هذا غير مُتحقّق في الاقتداءِ بإمامٍ عبْر موجات الأثير الإذاعي أو الفضائي أو الإلكتروني في صلاة جماعة.
وعليه؛ فلا تصح صلاة العيد في البيت عبر هذا الأثير، وللمسلم أن يصليها في بيته -دون كراهة- جماعة مع أهل بيته، أو منفردًا بغير خطبة.