أدعية تقال عند ذبح الأضحية.. سنن تحيي معاني الطاعة في عيد الأضحى

مع بزوغ شمس العاشر من ذي الحجة من كل عام، يتجدد في قلوب المسلمين حول العالم شعور الطاعة والامتثال لأوامر الله، حين يتوجهون لتنفيذ شعيرة من أعظم شعائر الإسلام: ذبح الأضحية.

هذا العمل العظيم الذي يجمع بين الامتثال لله، وتذكرة بإيمان نبي الله إبراهيم، لا يُؤدى فقط بالسكين، بل يُرافقه دعاء وخشوع وذكر لله، إحياءً للسنة النبوية وتأكيدًا على البعد الروحي لهذه الشعيرة.

ورغم أن عملية ذبح الأضحية قد تبدو عملية مادية في ظاهرها، إلا أن الدعاء المصاحب لها يجعل منها عبادة متكاملة، تبدأ بالنية وتنتهي بالتوزيع، ليغدو كل تفصيل فيها موصولًا بالله، وتعبيرًا صادقًا عن التقوى والتسليم.

ذبح الأضحية… عبادة قلب ولسان ويد

الأضحية في الإسلام ليست فقط لحومًا تُوزع، بل هي طاعة تتجسد فيها معاني العبودية لله تعالى، وذكر الله عند الذبح يُعد ركنًا جوهريًا في هذه العبادة، إذ يقول الله تعالى:

“فصلِّ لربك وانحر” (الكوثر: 2)
“لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم” (الحج: 37)

ويقول الدكتور عبد الله الحديدي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر:
“ما يميز ذبح الأضحية الإسلامي هو ارتباطه بالله بشكل مباشر. الذابح لا يكتفي بالفعل الجسدي، بل يبدأ بتسمية الله، ثم يتلو دعاءً يعبر عن نيته وخضوعه، فيتحول العمل إلى قُربة خالصة.”

الأدعية الواردة عن النبي ﷺ عند الذبح

عند القيام بذبح الأضحية، يُستحب للمسلم أن يقول كما ورد عن النبي ﷺ:

“بسم الله، والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، هذا عني (أو عن فلان).”

وفي حديث أنس رضي الله عنه قال: “ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما.” (رواه البخاري ومسلم)

تفصيل الدعاء عند الذبح:
• “بسم الله، والله أكبر”: هذا هو الذكر الأساسي عند الذبح، ولا يصح الذبح بدونه.
• “اللهم هذا منك ولك”: اعتراف بأن الأضحية من رزق الله، وهي تقدم تقربًا لله.
• “اللهم تقبل مني” أو “عن فلان”: يُستحب تخصيص النية إن كانت الأضحية عن شخص معين.

هل يجب تكرار الدعاء مع كل ذبيحة؟

بحسب دار الإفتاء المصرية، فإن التسمية والتكبير واجبة عند كل ذبيحة، أما بقية الدعاء فمستحب، ويجوز أن يدعو المسلم بأي دعاء مشروع يعبّر فيه عن نية القربة والإخلاص.

ويوضح الشيخ حسن أبو زيد، أحد علماء الأزهر الشريف: “من نوى الأضحية خالصة لله وذَكر اسم الله عند الذبح، فقد أدى ما عليه، وما زاد من دعاء وتضرع فهو خير وبركة.”

مشاركة الأسرة في الذبح والدعاء… سنة تربوية وروحية

في كثير من البيوت، تحرص الأسر على إشراك الأطفال في مشاهدة الأضحية، والاستماع للدعاء، وتكرار التكبير. وقد أكدت دراسات نفسية وتربوية أن هذا السلوك يعزز روح القيم الدينية والانتماء الأسري.

نية الأضحية قبل الذبح… ودعاء القلب

قبل أن تُقال الكلمات على لسان الذابح، فإن النية محلها القلب، ويُستحب أن تُبيت النية منذ دخول شهر ذي الحجة أو في صباح العيد. النية أن تكون الأضحية خالصة لوجه الله.

ويقول أحد الأئمة:
“النية هي الأساس، فلا تجزئ أضحية إن لم ينوِ المسلم بها القُربة. الدعاء الذي يسبق الذبح هو تأكيد لهذه النية، وإظهار للخضوع والامتثال.”

أدعية إضافية مستحبة قبل وبعد الذبح

يمكن للمسلم أن يُردد أيضًا بعض الأدعية العامة التي تعبّر عن الرجاء والامتنان، مثل:
• “اللهم اجعلها أضحية مقبولة، وتقبّل منا صالح الأعمال.”
• “اللهم ارزقنا الإخلاص في العمل، واغفر لنا تقصيرنا، وتجاوز عن ذنوبنا.”
• “اللهم اجعل هذه الأضحية سببًا للبركة في رزقنا، والصلاح في أهلنا وأولادنا.”

كما يُستحب الإكثار من التكبير في وقت الذبح، فقد كان الصحابة يُكبرون مع كل ذبيحة ويستبشرون بها.

هل تختلف الأدعية باختلاف الأضحية أو عددها؟

لا تختلف الأدعية باختلاف نوع الأضحية (شاة، بقرة، جمل)، لكن تختلف صيغة النية إذا كانت الأضحية عن أكثر من شخص.

مثلاً:
• في حالة الأضحية عن شخص واحد: “اللهم هذا عني.”
• عن الأهل: “اللهم هذا عني وعن أهل بيتي.”
• عن الغير: “اللهم هذا عن فلان.”

في المجتمعات الإسلامية… الدعاء ركن من طقوس الذبح

في معظم الدول الإسلامية، يُرافق الذبح أدعية متوارثة، وبعضها شعبي لكن يحمل روحًا دينية قوية. وفي بعض الثقافات، يُستحب أن يبدأ الذبح بآيات من القرآن مثل:
• “قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين” (الأنعام: 162)
• “إنا أعطيناك الكوثر * فصلِّ لربك وانحر” (الكوثر: 1-2)

الدعاء عند الذبح… عبادة متكاملة ومظهر من مظاهر التقوى

يوم النحر هو يوم عظيم في الإسلام، وشعيرة الذبح فيه ليست مجرد عادة موسمية، بل عبادة تشمل النية، والدعاء، والذكر، والعمل الصالح، والتقرب إلى الله.

فليحرص المسلم على أن يُؤدي هذا العمل بروح الطاعة، ولسان ذاكر، وقلب خاشع.
وليتذكر أن الكلمات القليلة التي تُقال عند الذبح، قد تكون سببًا في قبول الأضحية، ومحو الذنوب، ونيل رضا الله

فضل الدعاء في الإسلام:

 عبادة عظيمة: الدعاء من أعظم العبادات، فقد قال النبي ﷺ: “الدعاء هو العبادة”.

سبب في رفع البلاء: الدعاء قد يرفع البلاء قبل أن ينزل، أو يخففه بعد نزوله.

يقرّب العبد من ربه: فيه تذلل وخضوع لله، مما يزيد من قوة العلاقة الروحية بين العبد وربه.

سبب لمغفرة الذنوب: الدعاء الصادق المتضرع قد يكون سببًا لمغفرة الذنوب والعتق من النار.

مفتاح للرزق والخير: الدعاء يجلب الرزق، ويفتح أبواب الخير والبركة في الحياة.

يحقق الأمن النفسي: الدعاء يُشعر الإنسان بالطمأنينة والسكينة ويقلل من القلق والخوف.

لا يُرد سدى: فإما أن يُستجاب كما هو، أو يُدخر لصاحبه في الآخرة، أو يُصرف به شر.

سلاح المؤمن في كل وقت: سواء في الرخاء أو الشدة، يظل الدعاء وسيلة الاتصال بالله في كل الظروف.

من أسباب النصر والتوفيق: دعت به الأنبياء، وكان سببًا في نصرتهم وتوفيقهم في حياتهم.

علامة على التوكل والإيمان: الدعاء يعكس ثقة العبد بقدرة الله، وتسليمه الكامل لمشيئته.