عاجل

«قل هي مواقيت للناس والحج».. كيف تحولت الأهلة إلى توقيتات للعبادة والحياة؟

الهلال
الهلال

ما تفسير قوله تعالى "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج"؟، سؤال نرصد جوابه في التقرير التالي وكيف أصبحت الأهلة مواقيت للعبادة والحياة. 

كيف أصبحت الأهلة مواقيت للعبادة؟ 

فسر الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، قول الله تعالى: "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج"، موضحًا أن هذه الآية جاءت ردًّا على تساؤل بعض الصحابة الذين جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه عن تغير شكل القمر، ولماذا يبدأ هلالًا نحيفًا ثم يكبر حتى يصبح بدرًا ثم يعود في التناقص مرة أخرى.

وأضاف رئيس جامعة الأزهر ، خلال حلقة برنامج "بلاغة القرآن والسنة"، المذاع على قناة الناس، أن الصحابة سألوا سؤالًا علميًا عن سبب تغير حجم القمر، وكان من المتوقع أن يأتي الجواب بتفسير علمي مرتبط بموقع الأرض بين الشمس والقمر، ولكن الله جل جلاله اختار أن يلفت انتباههم إلى الحكمة العملية من هذا التغير، فجاء الرد: "قل هي مواقيت للناس والحج".
وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن هذا الأسلوب يعلمنا كيف نربط بين العلم والعمل، فالأهلة لم تُخلق عبثًا، بل لنعرف بها مواقيت عباداتنا وأعمالنا، من الصوم والحج وسائر العبادات، وحتى في أمورنا الدنيوية كالعدة والتجارة والعقود وغيرها.

وأشار إلى أن العلماء وقفوا عند هذه الآية وقفات عظيمة، حيث قال الإمام الشاطبي في كتابه الموافقات: إن الله عدل عن الجواب العلمي إلى الحكمة العملية ليُعلّم الناس أن العلم الذي لا ينبني عليه عمل لا يُنتفع به، لكن العلامة عبد الله دراز علّق في هامش الكتاب معترضًا بأدب، فقال إن التفسير العلمي أيضًا له أثر، لأن الله دعانا إلى التفكر في الكون والنظر في آياته، وقد أسلم كثير من الناس في العصر الحديث بسبب الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.

وتابع: "هكذا يكون أدب العلماء.. يختلفون في الرأي، ويتوارثون العلم، ويحترم بعضهم بعضًا، دون ضجيج ولا تشنج، وإنما برقي وأدب، ليعلمونا نحن أيضًا كيف يكون الحوار، وكيف يكون العلم وسيلة للبناء لا للهدم".

https://www.youtube.com/watch?v=qNMexMOOye8

سلامة داوود: الأزهر يصنع المصلحين لقيادة نهضة المجتمعات برسالة عالمية

عقدت كلية العلوم الإسلامية للوافدين في وقت سابق، مؤتمرها الدولي الأول تحت عنوان: “الأزهر وصناعة المصلحين”، وذلك في إطار رسالته العالمية، وتحت رعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.

وقال الدكتور سلامة داوود رئيس جامعة الأزهر إن عنوان المؤتمر يحمل دلالة عميقة حول إدراك الأزهر الشريف لدوره المحوري في تكوين العلماء والدعاة والمصلحين، الذين يحملون على عاتقهم مسؤولية إصلاح المجتمعات ونشر الخير في الأرض.

صناعة المصلحين.. هدف الأزهر ورسالة الأنبياء

ولفت رئيس جامعة الأزهر إلي أن عنوان المؤتمر المكون من كلمتين، اختصر جوهر رسالة الأزهر الشريف التي استمرت لأكثر من ألف عام: "صناعة المصلحين"،  تلك الصناعة التي لا تصنع مجرد علماء، بل رجالًا يحملون شعلة الإصلاح، ويكملون مسيرة الأنبياء، كما جاء في قول الله تعالى على لسان شعيب عليه السلام: "إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ" (هود: 88).

وتابع :"إنها رسالة تطمئن كل مصلح، بأن عليه أن يجتهد، ويبذل ما يستطيع، فلا يُسأل عن النتائج بل عن المحاولات. فالإصلاح مسيرة مستمرة لا تنقطع، حتى وإن تعثرت أو تأخرت ثمارها.

واكد " لعل ما قاله مدحت باشا، أحد رموز الإصلاح في الدولة العثمانية، يلخص طبيعة المصلحين حين قال: "إن حب الإصلاح قد اختلط بدمي؛ فكان كالمرض المزمن لا يُبرأ منه."

وكذلك وصف أمير الشعراء أحمد شوقي النبي محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: "المصلحون أصابعٌ جُمعت يدًا … هي أنتَ، بل أنتَ اليدُ البيضاءُ".

قال رئيس جامعة الأزهر "لقد كان من سنن الله أن يُقابل المصلحون بالاستهزاء، كما حدث مع نوح عليه السلام حين كان يصنع السفينة وقومه يسخرون منه، فجاءهم العذاب غرقًا. وكذلك شعيب عليه السلام، الذي قيل له ساخرين: "إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ"، فاستخفوا به، فأخذتهم الصيحة، كما يقول تعالى: "فَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ" (هود: 94).

واستدل بحديث الإمام ابن كثير الذي قال فيه "إن تسمية العذاب بـ"الصيحة" جاءت مناسبة لسخريتهم، فجاءهم العذاب بصيحة أسكتت كل صوتٍ سخر من الإصلاح.

الأزهر.. قبلة العلم ومنبع النور

وأكد رئيس الجامعة أن الأزهر الشريف لم يكن يومًا مجرد مؤسسة دينية، بل هو قلعة علمية كبرى، ومنارة روحية للعالم الإسلامي. وطلابه المنتشرون في أنحاء الأرض هم جنود الإصلاح بالفكر والرحمة، يحملون رسالة الإسلام الوسطية، وينشرون قيم التعايش والتسامح.

كما قال الإمام الراحل محمد الغزالي: "إن الأزهر مصنع الأدوية لعلل الأمة، فإذا غُشَّت الأدوية التي يُصدرها، فإن العلل تبقى مضاعفة."

وانطلق مؤتمر الأزهر وصناعة المُصْلِحِين برعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وحضور الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، والدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وعدد من السفراء، ونواب رئيس الجامعة، وعمداء الكليات.

تم نسخ الرابط