عاجل

دراسة طبية .. الرنين المغناطيسي ينذر بالسكتة القلبية

الرنين المغناطيسي
الرنين المغناطيسي

في اختراق علمي مهم قد يغيّر قواعد الوقاية من أمراض القلب، كشفت دراسة بريطانية جديدة أن استخدام الرنين المغناطيسي القلبي يمكن أن يكشف عن مؤشرات خفية قد تنذر بالسكتة القلبية قبل ظهور أي أعراض واضحة، مما يفتح آفاقًا واسعة للتشخيص المبكر والوقاية الاستباقية.

الدراسة التي نشرتها مجلة Radiology المتخصصة، وأجرتها جامعة دندي البريطانية، تابعت بيانات آلاف الأشخاص على مدى عقد كامل، لتتوصل إلى نتائج يمكن أن تغيّر مسار الرعاية الصحية القلبية مستقبلًا.

الرنين المغناطيسي

بحسب ما أوردته البروفيسورة جيل بيلتش، أستاذة الطب بجامعة دندي والمشرفة على الدراسة، فإن الرنين المغناطيسي لا يكتفي بتشخيص الحالة الراهنة للقلب، بل يكشف عن مؤشرات مبكرة على ضعف الأداء القلبي حتى قبل أن يشعر المريض بأي عارض صحي، وهذا يعني أن بالإمكان التدخل مبكرًا قبل تفاقم الحالة.

واعتمد الباحثون على تحليل صور الرنين المغناطيسي لـ 5,015 شخصًا لم يكن لديهم أي تاريخ مرضي معروف في القلب، وأجريت لهم الفحوص بين عامي 2008 و2013، وتمت متابعتهم سريريًا حتى عام 2023.

النتيجة المفاجئة

أظهرت النتائج أن الزيادة التدريجية في كتلة البطين الأيسر للقلب، حتى وإن بقيت ضمن الحدود المقبولة طبيًا، كانت مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالسكتة القلبية أو الدماغية لاحقًا.

يُعد البطين الأيسر حجر الأساس في عمل القلب، حيث يضخ الدم المؤكسج إلى جميع أنحاء الجسم، وأي تغير في كتلته أو وظائفه يشير إلى وجود ضغط مزمن على القلب، قد لا يُكشف عنه إلا بأجهزة تصوير متقدمة.

النساء والرجال

لم تكتف الدراسة بالكشف عن المؤشر العام، بل تعمقت في الاختلافات بين الجنسين، لتكشف أن التغير في كتلة البطين الأيسر يؤثر على الرجال والنساء بطرق مختلفة:

  • لدى الرجال: ارتبطت الزيادة بارتفاع ضغط الدم الانبساطي.
  • لدى النساء: ارتبطت بارتفاع مستويات الكوليسترول.

هذه النتائج تؤكد أن الفحص القلبي لا يمكن تعميمه بمعايير موحّدة للجميع، بل يجب أن يُراعى النوع البيولوجي لكل مريض، وهو ما قد يحدث ثورة في طريقة التشخيص ووصف العلاج لاحقًا.

العلم يسبق المرض: التدخل المبكر مفتاح إنقاذ الحياة

تقول بيلتش:"القدرة على الكشف عن خطر الإصابة بالسكتة القلبية في مرحلة يكون فيها القلب ما زال يؤدي وظائفه بشكل طبيعي هو إنجاز طبي كبير، لأنه يمنحنا نافذة زمنية ثمينة للتدخل قبل فوات الأوان".

وتضيف أن هذه الدراسة تفتح المجال أمام نمط جديد من الطب الوقائي، حيث لا ينتظر الطبيب ظهور الأعراض، بل يبادر إلى فحص دقيق يضع خارطة واضحة لمستقبل صحة القلب.

تحذير مستمر: لا تهمل نمط حياتك

رغم أهمية الرنين المغناطيسي كأداة تشخيص متقدمة، شدد الباحثون على أن نمط الحياة يبقى العامل الأكبر تأثيرًا في صحة القلب، فقد لاحظت الدراسة أن الأشخاص الذين يعانون من:

  • السمنة المفرطة
  • التدخين المزمن
  • قلة الحركة والنشاط
  • التغذية الغنية بالدهون والسكريات
  • التاريخ العائلي المرضي

كانوا جميعًا أكثر عرضة لتطور مؤشرات سلبية على صحة القلب، حتى عند وجود فحوص طبيعية في البداية.

دعوة علمية لتعميم الفحص وتوسيع نطاق الوقاية

أوصى الفريق العلمي بضرورة إدراج فحص الرنين المغناطيسي ضمن الفحوص الروتينية للأشخاص المعرضين للخطر، وخصوصًا:

  • من تجاوزوا سن الأربعين
  • من لديهم تاريخ عائلي مع أمراض القلب
  • مرضى السكري والضغط والكوليسترول
  • المدخنين ومن يعانون السمنة

وأشاروا إلى أن هذا الفحص، ورغم كلفته النسبية، إلا أنه غير جراحي، وآمن، ويوفر بيانات عالية الدقة يمكن من خلالها اتخاذ قرارات طبية مبكرة، تنقذ حياة آلاف المرضى المحتملين.

هل أصبح الطب قادراً على استباق الأزمات؟

مع هذه النتائج، يخطو الطب خطوة جديدة نحو تشخيص ما قبل المرض، في عالم لم يعد يكتفي برد الفعل بعد حدوث الأزمة الصحية، بل يسعى لاستباقها ومنعها من الأساس.

ويبدو أن مستقبل الرعاية الصحية سيتحول تدريجيًا إلى اعتماد أدوات تصوير دقيقة مثل الرنين المغناطيسي، جنبًا إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي والتحليلات البيومترية، لبناء خريطة شخصية لصحة الإنسان منذ منتصف العمر.

هل بات بإمكاننا أن نتجنّب السكتة القلبية قبل أن تُهدد حياتنا؟ الدراسات تقول: نعم، إذا التقطنا الإشارة في الوقت المناسب.

تم نسخ الرابط