الفلفل الحار وتأثيره على الدماغ.. لماذا لا نستطيع التوقف عن تناوله؟

رغم حرارته وتأثيره القوي على الفم والمعدة، لا يتوقف كثيرون عن تناول الفلفل الحار بشغف، بل يصل الأمر لدى البعض إلى حد الإدمان.
فما الذي يدفع الإنسان إلى التلذذ بطعام يسبب له إحساسًا حارقًا؟ وهل هناك تفسيرات علمية تقف وراء هذه الرغبة المتكررة؟
في هذا التقرير، نستعرض الأسباب العلمية والنفسية التي تقف وراء الشغف المتزايد بالأطعمة الحارة، خاصة الفلفل، وفق ما كشفه عدد من خبراء التغذية والسلوك الغذائي.
الإندورفين: المتهم الأول في تعلقنا بالطعام الحار
تقول الدكتورة نجلاء عبد الحميد، أخصائية التغذية العلاجية، إن المادة الفعالة الموجودة في الفلفل الحار، والمعروفة باسم "الكابسيسين"، هي المسؤولة عن الإحساس بالحرارة.
وعند تناول الفلفل، يرسل الجسم إشارات إلى المخ تشبه إشارات الألم، مما يدفعه إلى إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين والدوبامين لتخفيف الشعور بالألم.
وتضيف: "هذا الشعور المؤقت بالسعادة والراحة النفسية يدفع كثيرين إلى تكرار التجربة مرارًا، مما يخلق نوعًا من التعلق بالطعام الحار".

عادة ثقافية تتحول إلى سلوك غذائي دائم
في بعض المجتمعات، مثل جنوب آسيا والمكسيك وشمال إفريقيا، يُعد الطعام الحار جزءًا أساسيًا من المطبخ التقليدي، ما يؤدي إلى تطبيع الجسم على هذا النوع من المذاق منذ الطفولة، ويصعب التخلي عنه لاحقًا.
ويشرح الدكتور سامي فؤاد، أستاذ علم النفس السلوكي، أن التكرار المستمر لتناول أطعمة حارة منذ سن مبكرة يعزز من تقبّل الجهاز العصبي لها، بل ويخلق شعورًا بالنقص أو الملل عند تناول أطعمة خالية من التوابل الحارة.
عامل نفسي وجسدي: بين التوتر والتوازن الهرموني
تشير دراسات نفسية إلى أن الرغبة المفاجئة في الطعام الحار قد تكون استجابة للتوتر والضغوط النفسية، حيث يسعى البعض إلى تفريغ القلق أو الإحباط من خلال تحفيزات قوية مثل الأطعمة الحارة. كما تلعب التغيرات الهرمونية، خاصة لدى النساء خلال فترة الحيض أو الحمل، دورًا في تغيير الذوق الغذائي والميل إلى نكهات محددة كالطعام الحار أو المالح.
هل نقص الفيتامينات له علاقة؟
يرجح بعض الخبراء أن الرغبة المتكررة في تناول أطعمة بعينها قد تكون مؤشراً غير مباشر لنقص بعض العناصر في الجسم، مثل الزنك أو فيتامين B.
ورغم أن الأدلة على هذا الرابط لا تزال محدودة، إلا أن بعض الحالات الصحية قد تظهر من خلال تغيّر في الذوق أو تفضيلات الطعام.
الاعتدال هو الحل
ورغم ما للطعام الحار من فوائد محتملة، مثل تحسين الدورة الدموية والمساعدة في حرق الدهون، إلا أن الإفراط في تناوله قد يؤدي إلى مشاكل في المعدة، كالحموضة والتهاب القولون وتهيج الجهاز الهضمي، خاصة لدى الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة.
لذلك، ينصح الأطباء بالاعتدال في تناوله، ومراقبة تأثيره على الجسم، وعدم تجاهل أي أعراض مزعجة تظهر بعد تناوله.
الرغبة في تناول الطعام الحار ليست مجرد سلوك عابر، بل ترتبط بمزيج من العوامل البيولوجية والنفسية والثقافية.
وبينما يمكن لهذا النوع من الأطعمة أن يكون مفيدًا إذا ما تم تناوله باعتدال، فإن الإفراط فيه قد يؤدي إلى نتائج عكسية تستدعي المتابعة الطبية.