هل تجزئ أضحية واحدة عن الرجل وأولاده؟.. فتوى رسمية تحسم الجدل

في ظل ارتفاع أسعار اللحوم هذا العام واقتراب عيد الأضحى المبارك، تساءل كثير من المسلمين عن حكم الاكتفاء بـ أضحية واحدة عن الأسرة، خاصة من يعولون أولادًا وأفرادًا متعددين.
تلقت دار الإفتاء المصرية، استفسارًا دينيًا حول هذا الأمر، وردت ببيان واضح أوضح الحكم الشرعي للأضحية الجماعية داخل الأسرة الواحدة، خاصة مع الظروف الاقتصادية الحالية.
سؤال من أب بشأن أضحية عيد الأضحى
جاء السؤال إلى دار الإفتاء من رجل لديه ثلاثة أبناء (ولدان وبنت)، وكان يحرص على التضحية بكبش عن كل واحد منهم سنويًا، إلا أنه ومع غلاء الأسعار هذا العام، لم يعد قادرًا على مواصلة هذه العادة، فسأل: هل تجزئ أضحية واحدة عني وعن أولادي جميعًا؟ أم يجب أن أذبح لكل فرد كبشًا؟
الإفتاء تحسم الجدل: أضحية واحدة تكفي عن الأسرة
أجابت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي، مؤكدة أن الأضحية سُنَّة مؤكدة على الكفاية، بمعنى أنه إذا ضحّى أحد أفراد البيت عن باقي أفراد أسرته بشاة واحدة فإنها تكفي ويثاب عليها الجميع، ولا يلزم أن يذبح كل فرد أضحية منفردة.
وقالت الدار نصًا: "لو ضحى السائل عن نفسه وعن أهل بيته الذين منهم أولاده بشاة واحدة فإنها تجزئهم ويكون قد أقام السنة."
هل يجب التضحية عن الأولاد الأغنياء من مالهم؟
وفي استكمالها للفتوى، أشارت الدار إلى خلاف فقهي بين العلماء، حيث تساءل البعض هل يجب على الأب أن يضحي عن أولاده إذا كانوا أغنياء حتى وإن كانوا صغارًا؟.
وهنا أوضحت دار الإفتاء، أن الرأي الأرجح والمعتمد في المذهب الفقهي، أنه لا يجب على الأب أن يضحي عن أولاده سواء كانوا فقراء أو أغنياء، صغارًا أو كبارًا، من ماله أو من مالهم، مؤكدة أن التضحية ليست واجبة عليهم أصلًا بل هي سنة، ومن ثم لا إثم في تركها.
رأي الإمام الشافعي وأثر الصحابة
أضافت الإفتاء، فتوى مهمة من فقه الإمام الشافعي، حيث قال أصحابه: "إن التضحية سنة على الكفاية في حق أهل البيت الواحد، فإذا ضحى أحدهم أقيمت السنة في حق أهل البيت جميعًا."
واستشهدت الإفتاء، بحديث ورد في سنن ابن ماجه والترمذي عن الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: "كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، ثم تباهى الناس، فصار كما ترى."
ويُفهم من هذا الأثر أن الأصل في الأضحية هو تحقيق المعنى التعبدي والاجتماعي، وليس التفاخر أو الكثرة، إذ كانت شاة واحدة تكفي عن العائلة كلها في عهد الرسول الكريم.
الأضحية شعيرة.. ولكنها ليست فرضًا
تجدر الإشارة إلى أن الأضحية ليست فرضًا واجبًا عند جمهور العلماء، بل سنة مؤكدة يُثاب من يلتزم بها، ولا يأثم من يتركها. وهي من أعظم شعائر الإسلام التي تجسد معاني التقوى، والإحسان، والتكافل، حيث يُسن للمسلم أن يُشرك أهله في الأجر، ويطعم منها الفقراء والمساكين والجيران.
متى تكون الأضحية واجبة؟
على الرغم من أنها ليست فرضًا، إلا أن بعض فقهاء المالكية ذهبوا إلى أن الأضحية قد تكون واجبة في حق القادر الذي لم يتركها بلا عذر، خاصة إذا كانت الدولة الإسلامية مستقرة والظروف ميسرة. إلا أن هذا القول ليس هو الراجح عند جمهور الفقهاء، ومنهم الأحناف والشافعية والحنابلة.
حكم تعدد الأضاحي
بعض الناس يظنون أن التضحية بأكثر من شاة عن كل فرد في العائلة أفضل أو أنها واجبة، لكن دار الإفتاء أكدت أن التعدد جائز وليس فرضًا. فمن أراد أن يضحي بعدة رؤوس من الغنم أو البقر أو غيرها فله ذلك، ما دام قادرًا، ولكن شاة واحدة تُجزئ وتحقق السنة تمامًا.
الحكم الشرعي
- الأضحية سنة مؤكدة وليست واجبة.
- يجوز الاكتفاء بكبش واحد عن الرجل وأهل بيته.
- لا يجب التضحية عن كل ولد على حدة حتى لو كان غنيًا.
- الأفضلية ليست في التعدد بل في الإخلاص والنية.
- الأضحية شعيرة تقرب العبد إلى الله وتحقق روح العيد في الإطعام والمشاركة.