ما حكم من يؤدي الحج بغير الطرق المشروعة؟.. رأي الفقهاء بالتفصيل

مع اقتراب موسم الحج، يتجدد الحديث حول مشروعية أداء هذه الفريضة العظيمة، خاصة في ظل لجوء بعض الأفراد إلى طرق غير شرعية أو وسائل ملتوية لأداء الحج، رغم عدم توفّر شرط الاستطاعة، وهنا يبرز سؤال مهم هل يعد الحج صحيحًا إذا تم بطريقة مخالفة للشرع؟ وما هو الموقف الديني والفقهي من مثل هذه التصرفات؟.
الإسلام لا يُكلّف نفسًا إلا وُسعها
أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن التشريع الإسلامي لم يفرض الحج إلا مرة واحدة في العمر، وعلى القادر المستطيع فقط، معتبرًا أن هذا من أعظم مظاهر التيسير في الشريعة الإسلامية، مؤكدًا أن مفهوم الاستطاعة لا يقتصر على الجانب البدني فقط، بل يشمل أيضًا النفقة الكاملة، والظروف القانونية، وتوفّر الأمن، والقدرة على أداء المناسك بسلامة وكرامة.
وأضاف شوقي علام، أن التحايل على القوانين أو الحج بطرق غير مشروعة يُعد مخالفة شرعية، ويدل على عدم الفهم الصحيح لأحكام الإسلام، مضيفًا أن التيسير لا يعني خرق القواعد، بل احترام ما قررته الشريعة من حدود ومسؤوليات.
فتاوى دار الإفتاء: لا يجوز الحج بطرق غير قانونية
أوضحت دار الإفتاء المصرية، في أكثر من مناسبة أن الحج بغير الطرق النظامية أو القانونية لا يجوز شرعًا، لأنه يؤدي إلى مفاسد متعددة، منها إيذاء الآخرين، والتزاحم الذي قد يسبب الضرر، والتعدي على الأنظمة التي تنظم شؤون المسلمين.
كما أكد الدكتور أحمد عبد العظيم، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن التحايل لأداء الحج بوسائل غير مشروعة يعد إثمًا، حتى لو سقطت به الفريضة، وشبه ذلك بمن يصلي بثوب مغصوب صلاته صحيحة لكن يأثم بسبب الوسيلة، مشددًا على أن الله لا يُتقرّب إليه بمعصيته، ولا تُطلب العبادات إلا بما يرضيه.
الاستطاعة في الحج: شروط لا بد منها
كشف الدكتور سيد قزامل، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، عن الاستطاعة تمثل شرطًا جوهريًا في وجوب الحج، وهي تشمل القدرة الجسدية والمالية والقانونية، واستشهد بقول الله تعالى: "لا يُكلّف الله نفسًا إلا وسعها"، وبقوله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم"، مؤكدًا أن الشريعة الإسلامية قائمة على اليسر لا العسر.
وأضاف سيد قزامل، أن من لم تتوفر له شروط الحج فلا إثم عليه، ولا يُنقص ذلك من مكانته عند الله، بل إن الصبر وانتظار القدرة يعد عبادة في حد ذاته.
مخالفة الأنظمة تضر بالمجتمع كله
من جانب آخر، أشار علماء الأزهر إلى أن التحايل على الأنظمة لا يضر الفرد فقط، بل يمتد أثره إلى المجتمع كله، حيث يتسبب في تزاحم الحجاج، ويضعف قدرة الجهات المنظمة على توفير الخدمات اللازمة، ويعرض حياة الناس للخطر، كما أن هذا التحايل يُعد خيانة للأمانة واستهانة بمقاصد الشريعة.
الفرق بين صحة الفعل وحرمة الوسيلة
أوضح علماء الفقة، أن هناك فرقًا بين صحة الفريضة وحرمة الوسيلة، فقد يسقط الحج عن الشخص لأنه أدى المناسك كاملة، لكنه يكون آثمًا بسبب الوسيلة غير المشروعة التي استخدمها، ولذلك شدد العلماء على ضرورة أن يكون أداء الحج بالطريقة التي يرضاها الله ورسوله، لا بالتحايل والخداع.
الشريعة تفتح أبواب الرخص
أكدت الشريعة الإسلامية، في كثير من أحكامها على الرخص والتيسير، فكما أُبيح الفطر للمريض والمسافر، والقصر في الصلاة، كذلك لا يُوجب الحج إلا على من توفرت له شروط الاستطاعة الكاملة، فلا يجوز للشخص أن يُخالف الشرع بحجة أداء الفريضة، بل ينتظر حتى ييسر الله له السبيل الصحيح.